نبيه العطرجي

ذِكْرَى الحَبِيبَة (15)

 

مــودة الـفــؤاد

الأمْ…نَبع الحُب والحنَان.
الأمْ…وجُودها يُشعرك بالأمْن والأمَان والاطمِئنان.
الأمْ…فِي وجُودها السعَادة لَا تُفارق دُنياك، والحُزن والهم لَا وجُود لَه فِي صَباحك ومسَاك.
الأمْ…خَير الصُحبة، وصُحبتها واجِبة كمَا أخبَر المصْطفى -صَلى الله عَليه وسَلم-.
الأمْ…مَن يُكرمك الموْلى -عَز وجَل- مِن أجلهَا حَال حيَاتها، فَهي بَلسم الحيَاة ونعِيمها.
فهَنيئًا هنيئًا لمنْ تَحيا فِي الوجُود أمّة كيْفما كَان وضعُها هنيئًا له، فَهو يَنعم فِي نَعيمها الدنْيوي، ويَرفل فِي ثيَاب السَعادة والهنَا، ويَعيش حيَاته مِرتاح البَال لأنّ لَديه أمْ تُسقيه الحنَان، وتَدعو لَه بالليْل والنهَار.
رحِمك الله يَا أمِي فَقد كُنت فِي حيَاتك أغُوص فِي أعمَاق بَحر نَعيمك، وآخُذ مِن ذَاك النعِيم مَا يَجعل حيَاتي سَعادة وسِرور، وبَعد وفَاتك فِي الــ27 مِن شَهر رمضَان لعَام 1424هـ جَف ذَلك البَحر العَذب، الذِي كَان يَروي عطشِ، ودخلت دَائرة الحيَاة بِكل مَا فِيها مِن أمُور كَنت لَا أعْلم عنهَا شَيئًا.
أمِي…حَزنت القُلوب بوفَاتك، وبَكت العيُون لفِراقك، والنَفس تشتَاق لكِ مَا أشْرقت شَمس وغَربت.
أمِي…مِن بَعد وفَاتك لمْ يَعد هنَاك فَم طَاهر رطِب لسَانه بذِكر الله يَدعو لي بالخَير الوفِير، ولمْ يَعد هنَاك صَدر حنُون أضَع رأسِي عَليه يُنسيني الهمُوم، ولمْ تَعد هنَاك يَد تَمسح عَن وجهِي تَعب الأيَام.
أمِي…رحَلتي فِي شَهر مُبارك، وفِي ليْلة مُباركة لرَب كريمْ رَحمن رَحيم، وذكْراك مُنذ أنْ ألقيتُ عَليك النَظرة الأخِيرة وودَعتك وأنتِ نَائِمة فَوق الثَرى لمْ تُفارق عَقلي وقَلبي ونَاظريه.
أمِي…كَيف أنسَاك وأنت مَن رعَاني وربانِي، فقَد كنْت لِي فِي حيَاتي كُل شَيء.
أمِي…كُنت حمَامة السّلام بَيننا نَحن أبنَائك تُرفرفي علينَا بحنَانك الدَافي، وحُبك الوَاف، كُنت لنَا الحُضن الذِي يَلم شَملنا مِن تَعب الحيَاة وشقَائها.
أمِي…بَسمتك الدَائمة عَلى شفَاهك تُزيد مِن جمَال محَياك الذِي يَشع بنُور الإيمان.
أمِي…بِعد رحِيلك غَدت الدَار مُوحشة.
أمِي…يَا أغْلى الحبَايب لكِ مِني خَالص الدُعاء:
اللهُم اغفِر لهَا وارحمهَا، ووسِع مُدخلها، واجعَلها فِي قَبرها مُطمئنة، واجْعل قَبرها رَوضة مِن ريَاض الجَنة.
اللهُم نَور مَرقدها، وعطِر مشْهدها، وطيِب مضجَعها، وآنِس وحشتهَا، ونَفس كربتها.
اللهُم أسْكنها الفِردوس بَلا حسَاب ولَا سَابق عذَاب.
اللهُم أغْفر للمؤمِنين والمؤمنَات، والمسْلمين والمسْلمات الأحيَاء مِنهم والأموَات.
نبيه بن مراد العطرجي

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button