نسمع هذه الأيام المباركة الأخيرة من رمضان، من بعض عامة الناس وأحيانًا من بعض الخطباء وأئمة المساجد، نسمع عبارات حزينة يُصاحبها عويل وتباكي على انسلاخ شهر رمضان، واقتراب نهايته، بل ونسمع من ينادي منهم بالتعزية بسبب انتهاء الشهر الكريم، فيقول أحسن الله عزاءنا في رمضان وعظم الله أجرنا في فراقه، فمصابنا عظيم والخطب جلل!!
وهكذا نسمع من أولئك (القبرجية) وأصحاب النفس (المأتمي) والحياة التعيسة التي تستهويها أنفسهم…هؤلاء الفئة دائمًا مقطبي الحواجب وكأن الطير على رؤوسهم من افتعال للحزن والكآبة التي تظهر على ملامحهم وسلوكياتهم، لا يريدون للمسلمين ساعة فرح، ولا للحياة عندهم أي قيمة أو معنى، دائمًا يتحدثون عن المصائب والموت والمقابر، وعن نار جهنم وأهوال يوم القيامة، لا تعجبهم براءة الأطفال، ولا ابتسامات الشباب، ولا آمال الكبار…الحياة بمقاييسهم هي حياة تعيسة ولابد أن يعيشوها وهم تعساء مهمومون، الناس في نظرهم فاسدون ولاهون وفي غيهم يعمهون، لا يرضيهم حال ولا يعجبهم مقام، الدنيا في اعتقادهم مجرد اختبار لا تستحق الاهتمام…وفات على أولئك المتلبسين بالهموم المفتعلة، أن الله سبحانه وتعالى استخلف الإنسان في الأرض لعمارتها، ولن يستطيع ذلك الإنسان تنفيذ أمر الله إلا عندما يتمتع بروح وثّابة ومعنويات عالية ومرتفعة، من الفرح والسرور والسعادة التي تضفي على النفس البشرية القوة والإرادة لعمارة الأرض، فات على أولئك الناس أن الله -جل وعلا- يمقت الحزن والهم والتشاؤم، ويدعو خلقه ويحثهم على التفاؤل والفرح والابتهاج بما أحله الله من نعم الدنيا، وفات عليهم أن شهر رمضان الكريم كلما انقضى منه يومًا كتب الله أجر صيامه وقيامه، وللصائم فرحتان الأولى عند فطره، والفرحة الكبرى هي فرحة العيد بعد نهاية رمضان، فالله -جل وعلا- منح الصائمين جائزة في نهاية الشهر وهي جائزة الفرح بيوم العيد، ولم يأمرنا الله سبحانه وتعالى بأن نعزي أنفسنا في نهاية رمضان كما تزعم فئة الحزن والمآتم…اللهم تقبل منا الصيام والقيام، وأنزل علينا من بركات الشهر الفضيل، وعمّر قلوبنا بأفراح العيد السعيد، وكل عام وأنتم والوطن الغالي بخير وأمن وأمان.
د. جرمان بن أحمد الشهري