مودة الفؤاد
قَبيل أيَام فَرحنا بِقدوم شَهر رِمضان المبَارك الذِي تَرتقبه النفُوس مُنذ أنْ ودعنَاه العَام المنْصرم، وبمَقدمه فَاحت فِي الأجْواء الروحَانية الإيمَانية الدِينية الرمضَانية، وارتَفع صَوت الحقْ وآيَات الذِكر الحكِيم فِي كُل مكَان، فالمسَاجد امتلأت بالمصَلين، والنفُوس غَدت طَيبة، والسَكينة تَسري فِيها، فرَمضان شَهر بمثَابة مَحطة سَنوية لتجدِيد الأنْفس لمنْ كُتب لهُم إدْراكه، وبدَاية للتَغيير نَحوالأفضَل.
رمضَان شَهر ليسّ كبَاقي الشهُور، فهْو شَهر الرَحمة والغُفران والعِتق مِن النِيران، شَهر الصَلاة والقرآن، شَهر تُصفد فِيه شيَاطين الجِن بأمْر مَالك الملكْ لتجَاهد أنفُس البَشر نِفسها فِي التنَافس الدِيني.
ومضَت أيَام الشَهر المبَارك خَفيفة طوتْ سِراعًا، واليَوم نَحن عَلى مشَارف تَوديعه بنَفس حزينة عَلى فِراقه، ولنَا أن يُعيد كُل مِنا منْهج حَياته خِلال شَهر الخَير ليَجد نَفسه أنهَا كَانت تتسَابق إلَى المسْجد مُنذ دخُول وقْت الفَرض، وتسْعى لإقَامة النَوافل بحِرص شَديد، والبقَاء بِه بَعد الصَلوات لوقت ليسّ بالوجِيز، واليَد فَارقت الشُح، واللسَان اعتَاد ذكْر الله كثِيرًا، والعَين غَضت النَظر…وغَير ذَلك مِن العبَادات التِي تقبلتهَا النَفس دُون عنَاء فِي سَيد الشِهور.
مَا أرْوع أنْ نَكون مُقتدين فِي جُل أمُورنا بالخَلف الصَالح، وعَلى نَهجهم سَائرين، وبنُور عِلمهم مُستنيرين، لتَصبح أيَام حيَاتنا كُلها مَحبة ووئَام وتَقوى وإيمانْ.
اليَوم أو غَدًا سَنودعه عَلى أمل اللقَاء بِه العَام القَادم إذَا كتَب الله لنَا عُمر نحيَاه فِي الحيَاة، فليَكن أخِي الحبِيب أثَر أعمَاله الحسَنة بَاقي فِي نَفسك الطيبَة، ولَا تجعَلها تَندثر مَع مُرور الأيَام، فاحْرص عَلى بقَائها، ودَاوم عَلى وجُودها مَا نَبض بَين الحنَايا قلبَك.
الرحِيل ليْس لَه حَلاوة وقبُول مهمَا كَان نَوعه، فَهو صَعب المذَاق مَرير لَا يَطيقه أحَد، ولكنْ هَذه سُنة الحيَاة لَا بد مِن البِداية والنهَاية فِي كُل الأمُور.
ودَاعًا يَا رمضَان، يَا شَهر العتق والغفرَان، يَا شَهر الصَبر والإيمَان، يَا شَهر العَطف والوئَام.
كُل عَام وأنْتم بخِير ،،،،،،
نبيه بن مراد العطرجي