أ.د. عبدالله عيضة المالكي

وسائل التواصل في نظر الواصل

خاطرة من وحي العيد
يرى الواصل: (وأعني به من يصل أهله ورحمه، وذويه، وأصدقائه، وجيرانه، وزملائه بالزيارة المباشرة ببدنه في مناسباتهم السعيدة كالأعياد والأفراح ونحوها).
يرى أن وسائل التواصل الإلكتروني قد زحفت بالتدريج على الواصل بتقليص وصل الأقارب بعضهم لبعض في بيوتهم وأماكن إقامتهم، حتى كادت أن تقضي عليه.
كيف ؟
يقول:
بعد أن كان الوصل بالزيارة للبيوت بالذهاب البدني، واحتساب المشي إليهم، والتهنئة والتبريك المباشر لهم، ورسم الفرحة على شفاههم وادخالها في قلوبهم قبل بيوتهم.
جاء الاتصال الصوتي (بالهاتف ?) واختصر الطريق فخف القدم، وتكاسل واتكل على الاتصال الهاتفي، واكتفى بالتهنئة الكلامية، عن المشاهدة العينية المباشرة.
تسارعت التقنية وسبقت الزمن بأزمان، وأتت بنظام الرسائل المكتوبة، المدفوعة من خلال الرسائل النصية (sms) فكان الزحف الكتابي على الصوتي أسرع وأكثر اختصارًا لوقت الواصل.
التواصل المكتوب زحف على التواصل الصوتي (بالهاتف) وأخذ مكانه، وأصبح الناس يكتبون رسائلهم المدفوعة مختصرة الحروف، ناقصة المعنى والمدلول.
بعد ذلك أتى زحف (الواتس آب وأقرانه?) الذي جعل التواصل بين الناس من خلاله أجوف الأحاسيس، خالي العواطف والوجدانيات والمشاعر، ذلك أن معظم الرسائل الإلكترونية المكتوبة، هي من خلال النسخ واللصق، أو تكون رسالة واحدة لمجموعة كبيرة من الناس يتألف أفرادها أكثر من ٢٠٠ شخص في رسالة واحدة جوفاء.

تتراكم تلك الرسائل والصور على الأجهزة مابين لفظ مقروء، أوغير مقروء، ومابين نص مسروق أوغير مسروق، وصورة معبرة أوغير معبرة، حتى إن المرسل قد يختلط على المرسل إليه، فمرسل الرسالة قد يكون باسم غير المتواصل.
استهجن الواصل هذا الطريقة التي استأصلت جميع وسائل التواصل التي سبقته في فترة زمنية سريعة لايكاد يلحظها أحد، إذ تدرج التواصل سريعًا إلى الأفول:
تواصل المشاهدة. (بالقدم) أفل.
تواصل الصوت. (بالهاتف) أفل.
تواصل الكتابة الخاصة ( sms ) أفل.

– وأصبح الواتس هو المهيمن على ميدان الصلة بين الناس في هذه الأيام، وأضحت معه المشاعر الدافئة في برود، والأحاسيس المرهفة في سويداء القلوب ليس لها وجود.
يتساءل الواصل:
ياترى: هل سيأتي اليوم الذي يستعيد فيه التواصل الحقيقي وجوده بين الأقارب والأصدقاء والجيران والزملاء، وتمتلئ القلوب دفئًا وحبًا وحسًا بعد برودتها.
أم أن وسائل التواصل المتسارعة حديثًا تزيدها جمودًا وتبلدًا وغيابًا بين الناس.
إن غدًا لناظره قريب.
أ. د. عبدالله المالكي

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button