أحمد حلبي

ماذا بقي للمطوفين؟

يبدو أن البعض من رؤساء وأعضاء مجالس إدارات مؤسسات الطوافة، رسموا نهاية المطوفين داخل مؤسساتهم، ولم يسعوا للعمل على تطوير خدمات المطوفين والمحافظة عليها بقدر سعيهم للمحافظة على مقاعدهم داخل مجالس الإدارات، ونسوا في خضم الأيام وتدفق المكافآت المالية الشهرية والموسمية أنهم مطوفون، وأن وجودهم داخل قاعات مجالس الإدارات جاء بانتخاب المطوفين لهم.
ومنذ سنوات مضت حتى يومنا لم نسمع أو نرى موقفًا جريئًا يطالب وزارة الحج والعمرة بإلغاء شرط السن الذي وضع أمام الراغبين في العمل بالمؤسسات خلال موسم الحج، فلا زال شرط عدم تجاوز سن الخامسة والستين يطبق على الراغبين في العمل بمكاتب الخدمات الميدانية ولا يطبق على السادة أعضاء مجلس الإدارة الذين نرى بينهم من تجاوز السابعة والستين ولم يتم إيقافه عن العمل.
ولم نجد رئيسًا أو نائبًا أو عضو مجلس إدارة يوضح يومًا أن الطوافة ليست وظيفة تُؤدى، لكنها عمل خدمي خاص، يقدمه المطوف كما يقدم التاجر عمله في متجره والصانع في مصنعه والسائق في مركبته، والمؤسف ليس في عدم وجود متحدث جيد وقوي يناقش ويقنع، لكن المؤسف أن شرط تحديد سن العمل انحصر على المطوفين بمؤسسات الطوافة، ولم نره منفذًا في لوائح العمل بمؤسسات وشركات خدمات العمرة وحجاج الداخل.
وازدادت مأساة المطوفين بما تم تنفيذه هذا من شرط إجراء كشف السموم، الذي يوحي بأن المطوفين يتعاطون المخدرات، ويجب عليهم أن يخضعوا لكشف السموم دون سواهم.
فإن كان الكشف بهدف إيجاد مؤهلين للعمل فالأفضل أن يطبق نظام كشف السموم على جميع العاملين بخدمات الحجاج وأولهم موظفي وزارة الحج والعمرة، يلي ذلك مؤسسات الطوافة ومؤسسات وشركات خدمات حجاج الداخل.
وإن اعتبر البعض أن من حق وزارة الحج والعمرة باعتبارها الجهة المشرفة على مؤسسات الطوافة، وضع الشروط التي ترغبها في ظل غياب الرؤساء والأعضاء القادرين على النقاش والإقناع، فهنا أقول أليس من حق المطوفين في المقابل العمل على مدار العام بإدارات وأقسام المؤسسات المنتمين لها ؟
أم أن هذا الحق يخضع لأهواء السادة رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات ولا يمكن تنفيذه؛ لذلك نجد أن بعض المؤسسات لجأت لا للاستعانة بالمطوفين أو أبنائهم أو بالمواطنين السعوديين، بل خالفت أنظمة العمل والإقامة وسعت لتعيين مقيمين ليسوا على كفالتها، ولم تستطع وزارة الحج والعمرة بحكم إشرافها، ولا وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ولا المديرية العامة للجوازات من معاقبتها.
وهنا نسأل لماذا يحرم المطوف من العمل خلال موسم الحج أن تجاوز سنه الخامسة والستين ولا تعاقب المؤسسة لمخالفتها نظم العمل والإقامة ؟
ولنترك هذا الأمر جانبًا، فقد ثبت من خلال الوقائع والشهواد إصرار بعض رؤساء وأعضاء مجالس إدارات المؤسسات على إبعاد المطوفين عن المشهد، وأكد ذلك غياب الدور الرقابي لوزارة الحج والعمرة، والتزامها الصمت أمام ما يحدث.
وإن كانت البعض من مجالس الإدارات ترى أنه لا يحق للمطوف العمل داخل المؤسسة المنتمي لها، فقد زاد الأمر ألمًا بقيام هذه المجالس باستبعاد الاستفادة من أثاث المطوفين من خيام ومستلزماتها، فرغم أن اللائحة المالية الصادرة عام 1415هـ، ومن قبلها ما أشارت إليه القرارات الصادرة بتنظيم أعمال المؤسسات، والتي أكدت على ضرورة الاستفادة من ممتلكات المطوفين مع منحهم الأولوية في الاستئجار إلا أن هذا لم يحدث، وحتى حينما تحول المطوفون ممن تجاوزا الخامسة والستين إلى مقالين وضعت بعض المجالس اشتراطات توضح عدم أهليتهم للعمل.
وإن كنا اليوم أصبحنا نرى عكس ما كان سابقًا وتحول الأعضاء المنتخبون إلى موظفين ينفذون أوامر وتعليمات وزارة الحج والعمرة دون نقاش أو حوار، ويسعون لوضع أنظمة لا تستهدف حماية المطوفين بقدر ما تستهدف الإساءة لهم.
فتارة نراهم يمنعون عن العمل بحجة السن، وتارة يوضعون موضع المشتبه في تعاطي المخدرات، وجاء الاستحداث الجديد بعدم الاستفادة من أثاث المطوفين الموسمي ليكون المطوف داخل مؤسسته مجرد رقم لا شخصية اعتبارية لها تاريخها المشرف.
فماذا بقي للمطوفين بعد كل هذا ؟
وقبل الإجابة على هذا، أتمنى أن تثبت وزارة الحج والعمرة حياديتها وتعلن إلزامها لكافة مؤسسات الطوافة بتقديم برامج العمل الموحد وعرضه أمام أعضاء الجمعية العمومية للنقاش، وتلزم مجالس الإدارات بتنفيذ وعودها، لا أن نجد أحد رؤساء مجالس الإدارات وقد حول المؤسسة لملك خاص به فعين أقاربه وأبناء أصدقائه، ووقع عقودًا تخالف قيمتها صلاحياته، وجمد البعض من أعضاء مجلس الإدارة لمعارضته لفكره وأسلوب عمله، وسعى لتقريب البعض الآخر لأنهم لا يملكون القدرة على النقاش، لكنهم يملكون القدرة على قبض المكافآت الشهرية والموسمية دون حضور أو عمل مقدم.

أحمد صالح حلبي

أحمد صالح حلبي

كاتب مهتم بشؤون الحج

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. مقال واقع مرير يعيشه المطوفين
    وليس هناك رجل من بعض اعضاء مجالس الادارات يستطيع ان يقول للغوله عينك حمره، والسبب كما اسلفت خوفا على مايتقاضوه من مبالغ شهرية عاليه ومين غير دوام للبعض منهم بحجة مقولة احدهم ( العمل بالانجاز وليس بالتواجد )
    الطوافة مهنة ليست وظيفه تحدد بسن، ولايستبعد منها اي احد.
    وثانيا مع احترامي لرؤساء مجالس الادارات الا يوجد بينهم من يستطيع ان يوقف مهزلة كشف السموم ؟؟؟
    وقد وصلني من البعض منهم انه وجد القرار موافق عليه في الهيئة التنسيقة واطرا التوقيع !!!!حسب افادته.

    ((الهيئة التنسيقة وما ادراك ما الهيئة التنسيقة))

    وهذا القرار اعتبره اتهام صريح بان مجتمع المطوفين مجتمع فاسد لذلك فرض عليهم، وكان الاولى ان يلغى القرار.
    وان كان ولابد منه ان يطبق، فيطبق على كافة الجهات المشاركة في اعمال الحج، ولو بادر معاليه وكافة القيادات في الوزارة باجراء الكشف اسوة بوزير الصحه عندما كان اول المتبرعين بالدم عندما بدات حملة التبرع.كان افضل للمطوفين…
    اخي احمد لانقول غير حسبنا الله ونعم الوكيل على كل بغى على هذه المهنه واراد بها سوء وان يسلط الله عليه في اهله وماله …. والكلام كثيرررر

  2. للاسف الغلط يكمن على المطوفين انفسهم لانهم شايفين وسامعين ولكن ساكتين مانقول غير حسبنا الله ونعم الوكيل

  3. الرجولة تختفي وتتﻻشى مصداقيتها عند المواقف وفي المواقف…
    محاسبة القائمين على تنفيذ البرنامج الموحد لمجلس إدارة المؤسسة أصبح مطلب من جميع المطوفين والمطوفات….
    أحسنت وأنصفت وأبدعت أستاذي الكريم…

  4. مقال اكتر من رائع وشامل أخي أحمد دخلت جحور مجالس الادارات وعديت المنطقة المحظور تجاوزها سلم قلمك وأعتقد تجاوزات مجالس الإدارات تحتاج إلي التركيز عليها بعدة مقالات تحياتي f3WW

  5. مؤسسة جنوب آسيا تحرم مطوفينها من حقوقهم من كل النواحي كالإستثمار وحتى الدفعات الخاصة بهم
    فأين عنهم المسؤليين من وزارة الحج ؟؟؟؟؟؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى