Stockholm Syndrome
وهي ما يُعرف في أدبيات علم النفس بـــ التوحد مع المعتدي Identification With The Aggressor؛ فهي حالة نفسية لاشعورية -لا إرادية- تنتاب الشخص ليصبح متعاطفًا مع عدوه أو من أساء إليه !!.
واشتهرت بمتلازمة ستكهولم Stockholm Syndrome بعد حادثة شهيرة وقعت في أحد بنوك مدينة ستكهولم السويدية عندما تعاطف الرهائن لدرجة الدفاع لاحقًا عن اللصوص الذين اختطفوهم أثناء السطو لسرقة البنك.
وهناك عدة فرضيات لتفسير هذا السلوك التعاطفي اللامنطقي واللاعقلاني واللاواعي لدى من يعانون هذه الحالة؛ ومن تلك الفرضيات:
– أن المصاب يتوحد -يتقمص لاشعوريًا- شخصية الذي قهره وأساء إليه كحيلة دفاعية لاشعورية نتيجةً لصدمة الموقف؛ ومن ثم يعوض عجزه في الدفاع عن نفسه من خلال الإعجاب بقوة المعتدي التي لا يملكها كضحية.
– أن المصاب يتعاطف مع المعتدي لاشتراكٍ بينهما في سمة محددة -ربما كانت سمة واحدة فقط- وهذه الفرضية صالحة لتفسير تعاطف الفئات المتطرفة فكريًا أكثر من غيرها، لأنهم يُغالون في هذه السمة وحدها بمشاعريةٍ مستثارة بفكرهم على حساب عقلانية إدراكهم كافة جوانب العدوان في الموقف نفسه.
– أن المصاب يتعاطف مع المعتدي من باب الشفقة والرحمة غير المنطقية وغير العادلة؛ وهذه الفرضية مناسبة أكثر لتفسير تعاطف ذوي الفرط الوجداني غير العقلاني؛ فهم يحصرون مشاعرهم في اللحظات دونما اعتبار بالمآلات التي ربما تحمل وبالاً قاسيا على مصائرهم.
وبتأمل الأحداث الراهنة وشواهد الواقع الملموسة تيقنت مملكتنا الغالية بأنها تعيش في وجدان شعوب العالم الإسلامي، وتحيا بضميرٍ يعمره شرف احتضان وخدمة قبلة المسلمين من كل أرجاء المعمورة، فهذا كله من شأنه أن جعلها تتحمل مسؤولية عظمى بأن تحافظ على تلك المشاعر أثناء صناعة واتخاذ قراراتها وتوجهاتها السيادية والسياسية؛ حتى أصبح أعداؤها وأعداء وسطية الإسلام يخسرون لمجرد المجاهرة بمعاداتها، وقد فطن بعضهم لذلك فتبنوا أسلوب المعاداة الخفية تجنبًا لقسوة رفض الواقع المستمرة لصنيع خبث نواياهم، ورغم ذلك فمحاوﻻتهم مكشوفة أمام البصيرة العميقة للكياسة والفطنة السعودية بلطفٍ ورحمةٍ من الله بنا وبالشعوب الإسلامية جميعًا.
أما وقد حان الوقت لينتبه كل العقلاء…بأن ما لم يظهر لنا من عداوات من أشخاص أو كيانات أو جماعات أو دول؛ لايعني إطلاقًا أنه ليس هناك عداوات موجودة؛ وإنما فقط… لم تحن الحاجة السياسية للمملكة لكشفها وحسب، وتأكد بأن عدوك سيعيش صراعًا مريرًا ربما يثنيه عن الاستمرار في قراره بمعاداتك حينما يعلم يقينًا أنك سترت الكثير من زلاته وعداواته، واكتفيت بإظهار اليسير مما لا يقدر على مواجهته أو الرد عليه وحسب؛ لذلك كله أحبتي…اتسمت المملكة في ذهنية القاصي والداني والعدو والصديق بضبط النفس؛ وتعقل الأمور والأحداث؛ والصفح الداعم للإصلاح؛ وعدم تقديم أو تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وواجبنا الديني والوطني يحتم علينا أن نتنبه لتأثير مشاعرنا وتفكيرنا معًا على إدراك الواقع في اتجاه حقائقه وليس في اتجاه نقيضها من التزييف والتضليل، وأيضا من واجبنا أن نصون عهدنا وأماناتنا وذممنا وسلامة أفكارنا ومشاعرنا من (تسلل التوحد مع المعتدي) إلى صفاء سرائرنا فنصبح بذلك مدافعين ومحامين للشيطان، فالحق أحق أن تتنعم به بثقتك فيما تعهده يقينًا في وطنك من عدل واعتدال مع أصدقائه ومع خصومه، فلن ترحمك الأيام ولا الآجال إن أعنت ظالما لمجرد تعاطفك اللاشعوري معه.
أسأل الله أن يحمي مملكتنا الغالية وخليجنا وأمتنا بكل خير، وأن يوحد صفنا لنعيش وسطية ديننا اتقاءً لمآلنا في آخرتنا وإعمارًا لحياتنا وإنسانيتنا في دنيانا.
مقال جدا رائع اخي خالد وفقك الله وسدد خطاك
مقال رائع
لي تعليق بسيط على العبارة التي وردت في مقالكم
(– أن المصاب يتعاطف مع المعتدي من باب الشفقة والرحمة غير المنطقية وغير العادلة؛ وهذه الفرضية مناسبة أكثر لتفسير تعاطف ذوي الفرط الوجداني غير العقلاني؛ فهم يحصرون مشاعرهم في اللحظات دونما اعتبار بالمآلات التي ربما تحمل وبالاً قاسيا على مصائرهم.)
-هذه الخاصية بالذات هي التي ييستغلهاا المحرضين لتجنيد اتباعهم
وذلك بالتلاعب بالعاطفة الدينية وتوظيفها لما يحقق اغراضهم الدنيئة
ماشاء الله لاقوة إلا بالله
سلمت أناملك على هذا الطرح يا أبا هتان
وجزاك الله خير
ما شاء الله لا قوة إلا بالله،أسأل الله أن ينفع بك وبعلمك ويجزيك خيرا على هذه المقالة الرائعة،فأنت فخر لنا ولأبناء ورجال مكة المكرمة.