عبدالله غريب

الباحة بين الطبيعة الخلابة والصنعة السياحية !!

طبعا لابد أن نأخذ في الحسبان ونحن نتحدث عن الباحة بأنها تشمل جميع محافظات المنطقة بلاد ” غامد وزهران ” سراة وتهامة والبادية وكلمة الباحة تعني المركز الرئيس الذي تقع في إمارة المنطقة وإدارات الدولة ذات العلاقة بوزاراتها لكنها محظوظة بوجود غابتين قريبة من هذا المركز هما غابة رغدان وغابة الزرائب وجدر التي يتوسدها منتزه الأمير مشاريالتابع جغرافيا لمحافظة بني حسن مركز بيضان بمسافة تقرب من عشرة كيلو مترات إلى جانب غابات صغيرة في بني ظبيان فيما لابد أن ينصرف الذهن ونحن نتحدث عن المنطقة كوجهة سياحية وواسطة عقد مصايفنا بين أبها والطايف إلى أن هذه المنطقة تحتفظ برصيد غابات يجعلها تقع في المرتبة الأولى بالنسبة للمصايف قوامها عشرات الغابات الأخرى في شمال المنطقة وشرقها موزعة على محافظاتها إلى جانب عشرات القرى الأثرية وعلى رأسها قرية ذي عين وشلالها الدائم على مدار العام التي لا تبعد عن فندق قصر الباحة بأكثر من عشرين كيلو متر وزمن لايصل نصف الساعة حيث المتعة والجمال والتفكير في هذه القرية التي صارعت الزمن بما يزيد عن أربعمائة عام لتبقى شاهدا على قوة الإنسان وتغلبه على صلف الطبيعة وتحديها لقدراته .
أعود فأكرر أنه لا يختلف اثنان على أن هذه المنطقة من حيث الطبيعة لا ينافسها أي منطقة في اتساع الغطاء النباتي على سهولها وجبالها الممتدة لقرابى مائتي كيلو متر فضلا عن قربها من مدينة الورد الطايف والعاصمة المقدسة مكة المكرمة وعروس البحر جدة بين ساعتين إلى أربع ساعات عبر الطريق الدولي طريق الملك عبد العزيز المزدوج ذي الستة مسارات الذي يعتبر من الطرق المعدودة في المملكة بجماله حيث القرى تتناثر على جنباته كاللؤلؤ المنثور إذ لا يكاد يمل مرتادوه من السيرعليه براحة ويسر .
ولواستعرضنا مقومات السياحة في الباحة المنطقة فإنها تمتلك ناصية القول بأنها تتربع على عرش المناطق السياحية فضلا عن أنها مصيف ومشتى بمعنى أن فصولها الباردة يلقى المواطن والمقيم ملاذا يمتد بين محافظة المخواة ومحافظة قلوة بتهامة وحتى ناوان التي تعتبر منتجع الباحة الشتوي وامتدادا إلى المظيلف التي أنجبت شاطئا عوض الباحثين عن الدفء شتاء عن شواطيء القنفذة التي تزيد مسافتها بخمسين كيلو متر وهذا الشاطيء المولود لايزال تحت التوسع وتوفير الخدمات الضرورية لرواده طوال الأسبوع وهذا يقودني لسؤال قد لا أحسن الإجابة عليه مفاده : لماذا لا يعاد توزيع المناطق الإدارية فتتحول هذه المواقع القريبة من الباحة بنسبة قد تقل بالربع عن مسافة مرجعيتها للمنطقة الغربية ليكون للباحة بحر وشواطيء كما هي جدة الممتد ساحلها لمئات الكيلو مترات وعلى الأقل ليرتاح السكان في هذه المناطق من عناء مراجعات الجهات ذات العلاقة كما ويشعر سكان الباحة وما جاورها بأن البحر الذي كان ميناء فقرائهم في عصورغابرة ما قبل العهد السعودي للسفر إلى أفريقيا لايزال يحن إلى أبنائهم وأحفادهم في هذا العهد الزاهر لمجرد المتعة بشواطئه الدافئة وغروب شمسها الذهبية .
أكرر القول بأن المنطقة تحتاج لصنعة سياحية وهذه الصنعة قد تأخرت كثيرا ومقوماتها تواجه معوقات أكثر ليس من مقام الإمارة فقد بذل سمو الأمير محمد -يرحمه الله – وسمو الأمير فيصل – يحفظه الله – جهودا كبيرة كانت مخرجاتها منصبة على البنية التحتية التي وعدوا بها في البدايات جزاهما الله خير الجزاء وقد اصبحت شبه مكتملة حقا في المياه والطرق الرئيسة والتعليم الجامعي والكهرباء والصحة كما بذل سمو الأمير مشاري بن سعود خلال السبعة أعوام التي قضاها أميرا للمنطقة جهودا في استقطاب رؤوس أموال وإتاحة فرص استثمار وتبنى خلال المؤتمر الاقتصادي الذي احتضنته الباحة وخسرت عليه قرابة المليوني ريال كانت التنمية أحق بها ولو أنها عبارة عن مساهمات إلا أنه لم يؤت ثماره حتى اللحظة ولو بما يحفظ ماء وجه المؤتمرين ناقعي الصدور وقتها بالملايين ولا من خلال المنتديات وورش العمل التي تقيمها الغرفة التجارية على مدار العام وتستضيف رجال مال وأعمال من أبناء المنطقة وغيرهم من رجال الأعمال بالمناطق الأخرى أو من خلال إعادة تشكيل المنظومات السياحية المتوفرة من خلال التنظيم واستغلال تلك المقومات السياحية وتذليل العقبات أمام صغار ومتوسطي الاستثمار إلى جانب إاعادة تشكيل هذه المنظومة بما يكفل لها ولأصحابها تطوير استثماراتهم من واقع العائدات المادية وهذا هو الفيصل من وجهة نظري بعد أن يئس المسؤول من رجال الأعمال المحسوبين على هذه المنطقة وتلك اللقاءات سلبا للأسف ولكن لنا أمل كبير في صاحب السمو الملكي الأمير حسام بن سعود بن عبد العزيز أمير المنطقة حاليا بأن يتبنى صناعة السياحة بما يمتلك من حنكة إدارية وتجارية واقتصادية وعلاقات عريضة برجال المال والأعمال بأن يأخذ السياحة في رأس اهتماماته لأنه المنطقة وجهة سياحية وتحتاج على الأقل مدينة ترفيهية متكاملة مغطاة ومكشوفة للعائلات وللشباب وتحتاج لفندق أو فندقين على الأقل في غابة رغدان ووسط الباحة وتطوير للشقق والأجنحة المفروشة إنشاء وليس تطويع المباني القديمة غير المخططة لهذا الغرض كما هو الحاصل الآن وتشديد الرقابة على الحالية لسوء خدمات بعضها كما نحتاج لتلفريك وليكن مبدئيا في السراة بين موتيلات الباحة التي عطلتها الشركة المحتكرة لها بثمن بخس وغير مفعلة وبين الموقع الذي يعلو أسواق الراية وبين جبل بيضان وهو سهل التأسيس والتكلفة ويمر بسماء الباحة وغابة رغدان ويمكن يمتد حتى بالجرشي ويحتاج دراسة واستقطاب شركة رائدة وهو مربح 100 % صيفا وشتاءوليس كالتلفريك الذي أنشيء بالقمع الذي ينقل السائح من جو معتدل لأجواء شديدة الحرارة ويمر بجبال صخرية موحشة ولم يدرس بل أجزم أنه لم يمر على جهة منصفة والمنطقة تحتاج لمولات واسعة في أماكن خارج النطاق العمراني للباحة الضيقة بشوارعها وميادينها وأن تتاح الفرصة لملاك الأراضي الزراعية وسط الباحة بتحويلها لسكنية وبناء أبراج سكنية وتجارية كماهو البناء في بعض مدن لبنان وعدم محاصرة البناء لدورين وملحق أو حتى ثلاثة فهي لا تكفي مع الانفجار السكاني وانفتاح المنطقة ووجود جامعة بها أكثر من ثلاثين ألف طالب وطالبة غير هيئة التدريس وبهذا ستكون المنطقة على يدي سموهمتملكة زمام السياحة الداخلية فعلا .
سبق وأن طالبت ولازلت أطالب بأن يتصدى لصناعة السياحة غرفة عمليات مشتركة بين رأس المال الجبان وبين الإدارات ذات العلاقة المترددة في أن تفعل ما يشفع لها بخدمة المنطقة سياحيا ليجد السائح فيها ما يريد من خدمات وضم غابات بكر تزف سنويا إلى هذا العريس المتجدد القادم من أمهات المدن والدول الخليجية الشقيقة والمنطقة بحاجة ومسارعة جادة في استكمال بنيتها التحتية لبعض القرى وتغيير في مخططاتها التنظيمية وبالذات مدينة الباحة وما جاورها من القرى
لا أبالغ عندما أقول أننا قد أصابنا الإحباط من سوء تنفيذ المشروعاتلكن من وجهة نظري لابدنتجاوز هذه الموضوعات التي أصبح الحديث عنها أكثر إحباطا لارتباطها بميزانيات تلك الإدارات من جهة وضعف الشركات والمؤسسات المنفذة وسوء الرقابة واتخاذ ما يلزم من جزاءات عليها بدء من الطريق الدائري ذي المليارات وانتهاء بكوبري المستشفى وكثرة الحفريات مرورا بسوء خدمات الاتصالات وإعادة السفلتة بسبب سوء التنسيق بين الجهات مما أدى إلى تخدد الشوارع وكثافة المطبات ولعل مثالا واحدا أسوقه لكم يتمثل في جسر مشاة وسط الباحة يسوء تصميمه بقي حفرة لأشهر وانتهى بأكثر من سنة بعدم التنفيذ وحتى تأريخه وفي سوء اختيار المكان الذي شهد هدم عقار لصالح تطوير المنطقة المركزية التي انتهت حبرا على ورق وتحول إلى موقف لمجموعة من السيارات لمرتادي السوق الداخلي ومثله على طريق الملك عبد العزيز كذلك سوق الفواكه والخضار القريب حاليا من سوق التمر حيث تم هدمه ولم يستثمر حتى تاريخه وأصبح علامة فارقة من السوء وسط المدينة والباحة بحاجة إلى هندسة المكان وتشجيع السكان للمساهمة في تنميتها بأموالهم والذي تمت الاستعاضة عنه بموقع جديد قريب من طريق الملكفهد بجوار قرية السواد مع أن معظم المحلاتفيه غير مشغولة والمواطنون الباعة يشتكون من عدم وجود خدمات مساندة لتلبية حاجاتهم اليومية كمطعم مثلا وبقالة وبوفيهات إن ما تقدمه الدولة من تسهيلات وما تشهده من مشروعات تنظيمية للمكان لا يرقى لطموح فارسها الجديد ولا وكيله الذي أعلم تمام العلم أنه يبذل جهودا غيرعادية سواء في داخل بيئة العمل أو في محاولة تشجيع رجال الأعمال واللجان لتظهر الباحة كما ينبغي وهذا ما سمعته منه شخصيا في معرض الحديث عن المنطقة واحتياجاتها ولكن الأمر يحتاج لجهات عدة وعلى رأسها الأمانة وإدارة الطرق ةفرع هيئة السياحة والغرفة التجارية وجهات أخرى فهل سيقوم جواد التخطيط من كبوته أم سنبقى فرحين من اللحم بعظم الرقبة !!؟؟
تلويحة وداع :
شكرا سمو الأمير حسام على ذلك اللقاء الذي جمعنا بك رئيس وأعضاء مجلس إدارة نادي الباحة الأدبي وذلك الحديث الذي يعكس تواضعكم ومتابعتكم لنشاطنا الأدبي وتوجيهاتكم بالثبات على بقاء النادي في مقدمة الأندية الأدبية في نشاطه العام والمتخصص في الرواية والشعر والقصة وطبع ونشر الكتاب فقد اختصرتم في قرابة ساعة حديث العام بأكمله .
د . عبد الله غريب
نائب رئيس النادي الأدبي بالباحة

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button