تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مقطعا لشاب سعودي يقدم وجبة إفطار لسيارة على الطريق، في رمضان. مازحه السائق: تعطيني وأنا قطري! فأجاب الفتى بتلقائية وعفوية: قطري وسعودي واحد!
يسألني أخوتي العرب في الوطن العربي وخارجه، لماذا نواجه قطر بهذه الحدة، وهي عماد من أعمدة المنظومة العربية والخليجية وشعبها الأصيل أصيل في النسيج العربي الخليجي.
أضيف إلى معلوماتهم أن الشعب القطري الأصلي يتشكل من قبائل عربية أصيلة، تتصل نسبا وعرقا وثقافة بالقبائل العربية في منطقة الخليج العربي، ومن بينهم الأسرة الحاكمة التي تعود إلى بني تميم في نجد. بل إن بعض القبائل، كآل مرة والعجمان والدواسر والمريخات والنجادة، يتوزعون بين قطر وجيرانها.
وثقافيا فقطر أقرب إلينا من غيرها. فبالإضافة إلى الروابط الاجتماعية المتينة، فالمذهب الرسمي للدولة هو الحنبلي، وهو مذهبنا في السعودية. والمدرسة الوهابية مشتركة بين البلدين. أما جغرافيا فقطر امتداد طبيعي للمملكة، برا وبحرا وجوا.
المشكلة ليست بيننا وبين الإنسان القطري، فهو منا ونحن منه. ولكنها مع الذين اختطفوا سياسة بلاده وإدارة مؤسساته.
وكثيرا ما شاركت في مناظرات مع ممثلي قطر، في ساحات إعلامية دولية، لأكتشف أن معظمهم غير قطريين. وأذكر أنني نبهت مذيع البي بي سي في برنامج (نقطة حوار) إلى أن جميع المتصلين ماعدا واحدة غير قطريين. فهذا سوداني وذاك مصري أو يمني أو فلسطيني. وكلهم يتحدثون باسم قطر وحكومتها ومؤسساتها التعليمية والإعلامية والسياسية ويدافعون عن مواقفها وكأنما مسئولون عن صياغتها، ويهاجمون دول الخليج وكأن بينها وبينهم ثأر ويسعون لفراقها عن قطر. وقلت له بأن القطري الحقيقي، كالأخت المتصلة، يتحدث بحرقة عن هذه الفرقة ويتمنى أن تنتهي وتعود اللحمة الخليجية. ورغم أنه يعلن تعاطفه مع قيادته، إلا أنه لا يدافع عن خلافها معنا ويتحاشى الخوض في التفاصيل. أكدت الأخت المتصلة هذا الانطباع وأوضحت للمذيع العربي أن القطري ليس سعيدا بما يحدث، وأنني فهمت موقفها فعلا وعبرت عنه حقا. ولعلنا نلحظ الفارق الشاسع بين أسلوب المعلق القطري على الأحداث وأساليب المرتزقة.
وعلى قناة الميادين وغيرها كانت الأطراف المقابلة تتحدث بلهجات عربية مختلفة، رغم ارتدائها للباس القطري، تندفع في المواجهة وكأن الصلح سيكون على حساب مصالحها الشخصية والحزبية. وفي كل مرة كنت أنبه مقدمي البرامج إلى هذه الظاهرة، مؤكدا بأن القضية ليست بيننا وبين أشقائنا القطريين، وإنما مع سياسات مدمرة للمصالح العربية واللحمة الخليجية، ندفع باتجاه تغييرها وإصلاح مسارها، ولو بالقسوة. فأنت تقسو على من تحب لمصلحته ومصلحة أسرته الكبيرة. وهدفك في النهاية التقويم لا العقاب ولا الثأر.
آن الأوان للقيادة القطرية أن تطلّق سياساتها المؤذية والتي لم تعد إلا بالخراب عليها وعلى الخليج والأمة العربية، والسمعة السيئة للإسلام والمسلمين، وأن تقطع علاقاتها بأصدقاء وحلفاء السوء الذين ما حلّوا ببلد إلا ودمروه، ولا أداروا قضية إلا أضاعوها، والحاضر والتاريخ شهود عليهم. لا يعنيهم من ملف الأزمات المتتالية التي أقحموا بلدنا الحبيب قطر فيها إلا تحقيق أهدافهم وتمرير أجنداتهم ولو على حساب من استضافهم وآواهم ودعمهم. وإن انتهت المصلحة أو تصادمت مع مصالحهم فسينقلبون على قطر كما انقلبوا علينا، في الإمارات والسعودية والبحرين.
نعم .. قطري وسعودي واحد! لا يرضينا على أي من أحبتنا في قطر الضرر ولا يطيب لنا معهم إلا حسن العشرة والجوار، وهذا قدر. وواجب على كل من يعلق على الأزمة ”الطارئة بإذن الله“ أن يحذو حذو ولاة أمرنا، فيفرق بوضوح بين الموقف من سياسات حكومية خاطئة، وبين الشعب القطري الشقيق. (ولاتنسوا الفضل بينكم)!
د. خالد محمد باطرفي