المقالات

الرعاية الصحة بالسكتة الدماغية خلال موسم الحج

 

 
يتوافد الملايين من المسلمين من كافة أنحاء العالم إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج كل عام، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية بالتنسيق مع وزارة الحج لتنظيم الخدمات الصحية للحجاج، إلا أن طبيعة هذا الموسم تقتضي أن يشهد اكتظاظاً كبيراً وتواجد أعداد كبيرة من الحجاج معاً بنفس المكان، وبالتالي تزداد فيه مستويات التوتر والإجهاد والإصابة بالأمراض، ومنها السكتات الدماغية.
على المستوى العالمي، يصاب سنوياً 15 مليون شخص بالسكتة الدماغية، منها ما يقارب 6 مليون حالة وفاة و5 مليون حالة عجز دائم، مما يجعل من السكتة الدماغية السبب الثاني للإصابة بالعجز وفي المملكة العربية السعودية بشكل عام، ترجح التقديرات تسجيل ما يقارب 50 إلى 100 حالة من الإصابة بالسكتة الدماغية يومياً، أي ما يعادل حالة واحدة كل 15 دقيقة. ومع تعداد السكان الذي يصل إلى 24 مليون، هناك ما لا يقل عن 20,000 حالة سكتة دماغية سنوياً، ينتج عنها وفاة 4,000 حالة و إصابة 8,000 حالة بحالة عجز حركي أو وظيفي.
ويظهر نقص في الأبحاث المتعلقة بالسكتة الدماغية ونسب الإصابة بها بشكل عام وخلال موسم الحج خصوصا، وهو ما يشكل فرصة سانحة لتطوير برنامج وقائي وتشخيصي لأمراض الأوعية الدموية لكافة الحجاج، إضافة إلى تقييم عوامل الخطر لمعرفة احتمالية حصول سكتة دماغية خلال فترة الحج. ونتيجة لتسجيل مستويات عالية من العدوى مثل التهابات الجهاز التنفسي العلوي والتوتر النفسي أثناء هذه الموسم السنوي، يعتبر الحج فرصة فريدة لتقييم عوامل الخطر هذه وأثرها في حدوث سكتة دماغية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الوقاية خيرٌ من العلاج ولذلك فإن من الضروري توعية الحجاج بمخاطر السكتة الدماغية والعوامل التي تزيد من نسب الإصابة بها وطرق تجنبها و أعراضها والإجراءات الواجب اتباعها في حال ظهور أعراضها على الحاج.
أعراض السكتة الدماغية
تشكل تعزيز توعية الأفراد عاملاً مهماً لتغيير أسلوب فهمهم للسكتة الدماغية وطريقة التصرف عند حدوثها. يعتبر الوقت العامل الأهم في علاج مرضى السكتة الدماغيه لحماية أرواحهم وتجنيبهم خطر الإعاقة الدائمة، حيث تبدأ أعراض السكتة الدماغية بسرعة كبيرة، وقد تضم الضعف المفاجئ أو فقدان الإحساس على طرف واحد من الجسم – مثلاً الناحية اليمنى من الوجه مع الذراع والقدم – ، إضافة إلى اضطراب الكلام ومشاكل في النظر وفقدان التوازن أو وجع الرأس الحاد والمفاجيء. ويركّز الخبراء على أن الكلمة الإنجليزية F.A.S.T هي أسهل طريقة لتذكر الأعراض المفاجئة للسكتة الدماغية، والتي تشير إلى فقدان التحكم بالوجه، ضعف الذراع، صعوبة النطق و طلب المساعدة حالا.
فعند ملاحظة أحد أعراض السكتة الدماغية على الحاج، يجب اتخاذ إجراءات مباشرة وبسرعه، فما من بديل للذهاب إلى المستشفى على الفور. حيث أن بعض الإجراءات الخاطئة مثل تعاطي الأدوية المسكنة أو النوم و الراحة ليست أساليباً صحيحة للتعامل مع أعراض السكتة الدماغية. وكلما تأخر علاج السكتة الدماغية، كلما ازداد نسبة حدوث ضرر في الدماغ، إذ يساعد العلاج الطبي السريع عند حدوث الأعراض في زيادة فرص النجاة بشكل فعال.
وحدات مخصصة لعلاج السكتات الدماغية
إن تطوير وحدات مخصصة لعلاج السكتات الدماغية هو أمر في غاية الأهمية، وذلك كون وحدات رعاية السكتة الدماغية هي الخيار العلاجي الوحيد للتعامل مع السكتات الدماغية الحادة والذي أثبت فاعليته في الحد من الوفيات والإعاقة الناجمة عن السكتة الدماغية. كما أن اتباع البروتوكولات الصحيحة في المستشفيات يأخذ أهمية قصوى في إدارة وعلاج السكتة الدماغيه، وله تأثير هام في إنقاذ حياة المرضى ومساعدتهم على الخروج من المستشفى بأقل قدر ممكن من العجز.
إن التشخيص السريع للسكتة الدماغية والحصول على العلاج الطبي الفوري (خلال أقل من 60 دقيقة من وصولهم للمستشفى ضمن ما يسمى بالساعة الذهبية) يعزز من فرص النجاة من ويقلل من مستويات العجز الناجم عن السكتة الدماغية، ويسهم أيضاً في خفض الوقت الذي يحتاجه المريض ما بين الوصول من المنزل والحصول على العلاج، وهو ما يساعد بدوره على تعزيز نتائج العلاج على المريض.
عند وصول المريض إلى غرفة الطوارئ، يتم تحويله لممرضة الفرز التي تقوم بفحصه، ثم يُأخذ المريض لإجراء الفحوصات المخبرية، ليبدأ الفريق الرئيسي بالعمل وإجراء الأشعة المقطعية للتأكد من عدم وجود نزيف في الدماغ وأخيراً يتم إعطاؤه الحقنة العلاجية أو تحويله للعلاج بالقسطرة التداخليه (أو كلاهما معا).
ومع ذلك، فإن 80% من حالات السكتة الدماغية يمكن تجنب حصولها، إذ تعتبر عوامل نمط الحياة مثل عادات الطعام غير الصحي والخمول البدني والتدخين من العوامل المسببة للسكتة الدماغية، وفي حال تجنب هذه العوامل وتغيير نمط الحياة فإن ذلك يؤثر بشكل مباشر على خفض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. وإضافة إلى ما سبق، تشكل عوامل الخطورة مثل ارتفاع ضغط الدم والرجفان الأذيني والسكري وارتفاع الكوليسترول في الدم عوامل خطوره يمكن السيطرة عليها طبيا وبالتالي خفض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
ويعاني ما يقارب 30% من الرجال و44% من النساء في المملكة العربية السعودية من السمنة، وواحد من كل أربعة إلى ستة أفراد بالغين يعانون من السكري، وهو ما يجعل الكثير منهم مهددين بالإصابة بالسكتة الدماغية.
وهنا تبرز الحاجة لأن تكون نظم الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية مجهزة بالرعاية الطبية المناسبة مثل علاج السكتة الدماغية الحادة، وذلك لاسيما خلال فترة الحج لضمان توفير وصول الأفراد بشكل سريع إلى وحدات الرعاية بالسكتة الدماغية وفرق إدارتها، إذ يوجد في مكة المكرمة خمس مراكز رعاية ترتبط معا خلال موسم الحج لضمان تقييم وعلاج حالات السكتات الدماغيه إنطلاقاً من المركز الرئيسي بمدينة الملك عبدالله الطبية إضافةً إلى مستشفى النور ومستشفى الملك فيصل في مكة ومستشفى الملك عبدالعزيز ومستشفى حراء العام.
ويعتبر تعزيز الوعي بالسكتة الدماغية لكافة المشاركين في تنظيم الحج أمراً بغاية الأهمية لضمان الإدارة السريعه للسكتة الدماغية لدى كل من أفراد المجتمع وخبراء الرعاية الصحية على حد سواء. وإضافة إلى ذلك، فإن تواجد وحدات رعاية السكتة الدماغية ضمن المستشفيات مع الالتزام بتوفير بيئة طبية ملائمة وأطباء وفريق متخصص من الممرضين والمساعدين المدربين بشكل جيد في إدارة السكات الدماغية، كل ذلك يمكن أن يخفّض من الوقت الذي يحتاجه المريض ما بين الوصول من المنزل والحصول على العلاج.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button