سوف أسرد هنا قصتي كمواطن سعودي من بين ملايين مواطني الوطن الذين عانوا، ولازالوا يعانون الأمرين مع وزارة الصحة.
في 1 مارس 2016 أصيبت ابنتي “تالين” خلال علاجها بمستشفى خاص بجدة من مرض الجفاف بفشل كبدي مفاجئ خلال تنويمها، ومن هنا كانت رحلتي مع وزارة الصحة ذات الإمكانيات المتواضعة أمام إمكانيات كل من مستشفى الحرس الوطني ومستشفى القوات المسلحة ومستشفى الملك فيصل التخصصي التي نفخر بها كصروح طبية في وطننا الغالي.
كلي يقين بأن تلك المستشفيات الثلاث لا تحظى بعشر الموازنة المرصودة من قبل الدولة لوزارة الصحة والتي رصد لها 120 مليار ريال أي مايقارب 14% من موازنة الدولة للعام الحالي، فهي كل يوم تفاجئنا بإمكانياتها المتواضعة من خلال مستشفياتها التي تفتقر إلى أقل الإمكانيات فعلى سبيل المثال لا يوجد بوزارة الصحة في المملكة أي مستشفى يقوم بزراعة الكبد، وعلاوة على ذلك لا يوجد أطباء كبد متخصصون في مدينة جدة. ولو ذهبنا لمنطقة الجنوب بالمملكة لوجدنا ما لا يسر أي مواطن ولنأخذ منطقة جازان مثالًا لما تكرر في مستشفياتها من حرائق لافتقارها لأقل وسائل السلامة فما بالك بالوسائل والنواحي الطبية !!!
لن أنسى هنا التأمين الطبي الذي كنت أحظى به من مرجع عملي من كبرى شركات التأمين الذي فاجئني بأن عمليات الزراعة لا يغطيها أبدًا، هنا كان لي وقفة تأمل لمعاناة أبناء الوطن مع شركات التأمين الطبي التي أول من تخلى عن حاله ابنتي، وبعدها يكون مصير المريض الصراع مع المرض، وبدء مرحلة جديدة من العناء في إيجاد سرير بوزارة الصحة للانتقال لها بإحدى مستشفياتها المتواضعة.
مادفعني للكتابة في هذا الموضوع الذي لا أحب الخوض فيه هو ما شاهدته من صرخات نداء من قبل المواطنين في تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهم الله- للبحث عن أقل حقوقهم وهي العلاج بالرغم أن الدولة لم تقصر في دعمها لقطاع الصحة، وما لحقها من تغريدة معالي وزير الصحة حول استفتاء الشعب حول احتياجاتهم من وزارة الصحة والتي سأجيب هنا عنهم بأن احتياجات المواطن هي إعادة هيكلة وزارة الصحة من الصفر من خلال تطبيق فكرة الموازنة الصفرية، والتي تعتمد في مفهومها على الانطلاق من نقطة الصفر من خلال الطلب من كل منطقة إعادة وضع موازنة جديدة دون الأخذ في الاعتبار الموازنات السابقة؛ وذلك من أجل العمل على توفير مستشفيات تتماشى مع الثلاث مستشفيات التي ذكرتها أعلاه كحد أدنى، وتفعيل الدور الرقابي منعاً للفساد ، وذلك من خلال إعطائه استقلاليته التامة حتى يستطيع نقل الواقع المؤلم لمعاليكم.
وأخيرًا لا يسعني إلا أن أشكر مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض بشكل عام وسعادة الدكتور طلال القوفي استشاري ورئيس قسم الكبد للأطفال، والطاقم الطبي وطاقم التمريض الذي يعمل تحت إشرافه بشكلٍ خاص لما حظيت به ابنتي “تالين” من عناية فائقة أثبتت لي بأن الوطن الغالي لديه من الكفاءات التي تضاهي كفاءات أمريكا وألمانيا الرائدتين في مجال زراعة الكبد.