في مسائل الحج و شعائره خصوصا لا يمنحك اطلاعك على الأقوال المختلفة أو ما يخطر في ذهنك حول مسألة من المسائل أن تهرع إلى تعميم القول بلغة حاسمة ، فأن ترى الرأي لنفسك بعد تمعن و اجتهاد في الجمع بين الأقوال يختلف عن أن تذيعه في الناس و كأنّك وحدك مجمع فقهي تصحح للأمة ما غلطت فيه و تواطأت عليه ، و المراجعات الفقهية ليس محلّها الرأي الفردي ، خصوصا في مثل شعائر الحج التي يتعبّد بها الناس ربّهم ، فالمسألة ليست مسألة فقهية محضة ، و إنما تتجاوز الفقه العلمي إلى الفقه العملي الذي يتعلّق بالمجتمع المسلم ، لذلك يحسن عند التصدّي لمثل هذه القضايا ، كما حدث مع العلويط في “مفاهيمه المغلوطة عن الأضحية” ، أن تعالج في بحوث علمية مؤصلة تحت مظلة مؤسسة علمية أو في مؤتمر علمي عام ، و عدم إذاعتها في الناس إلا بعد مناقشات علمية جادة تراعي المصالح و المفاسد . هذا إذا تم التسليم أولا بأن ما طُرحَ يعالج نازلة فقهية أو ما هو في حكم النازلة ، أما أن يفتحَ الباب لكلّ من هبّ و دبّ أن يقرر وحده ما يشاء و يحسم الأمور برأي فردي و بلغة توحي ببلوغ الرأي منتهاه و ليس على الأمة إلا التطبيق ، فهذا مما يمكن عدّه من باب التنفّخ و الرغبة المجردة في الإتيان بالجديد ، و لئن ساغ في المسائل المجرّدة التي لا تتعلّق بتكليف ظاهر فهو في مسائل التكليف ، و في جانب الشعائر خاصة ، مظنة الهلَكةِ و الضلال البعيد .
هذا يجعلني أسحب القول على كثير من “المراجعات المغلوطة” التي فُتنَ بها كثيرٌ من الكُتَّاب و مناصري الفكر الناقد ، فهم أيضا في حاجة إلى مراجعة مراجعاتهم المغلوطة التي تثير الشبهات ليس فيما يخص المسائل الفقهية فحسب ، بل فيما يخص مصادر التشريع و مصادر المعرفة ، حتى قرأنا من يحاول مساءلة النصوص النبوية المتواترة رغبة في التفكير الجديد ،و أظن الأمر سيصل بهؤلاء ، إن أوغلوا في مراجعاتهم المغلوطة ، إلى نقض عرى الإسلام عروةً عروة !