ما ضحكت من مستجدات العصر قدر ما ضحكت من طوفان مجموعات واتس أب وقبلها منتديات الأنترنت التي عجّت بها الشبكة العنكبوتية بعد فترة من ذيوعها وانتشارها. تلك المستجدات قد أفرزت أول ما أفرزت أنماطا عجيبة من الشخصيات الفارغة المنفوخة، فارغة من المحتوى منفوخة بهواء الإدارة حدّ التّطَبُّل المرضي الخطير. ثم أفرزت بعدئذ طبقة واسعة من الكتّاب الذين بالكاد يفك الواحد منهم حرفا. ثم أسفرت عن بيئة مناسبة لترويج الشائعات والأخبار الكاذبة والمقاطع المغلوطة.
تجد ذلك المنفوخ قد استباح الرقاب يتخطاها لمجرد أنه أنشأ قروبا وأنه وجد الأعضاء أيتاما فأواهم وضالين فهداهم، لا يقبل من أحدهم رأيا ولا اعتراضا ولا تذمرا فهو المتفضل عليهم وكل اختلاف معه هو فتّ في عضده ووأد لنجاحاته، ومن المضحك أيضا أن سوادا من الأعضاء قد وجدوا في التطبيل ضالتهم المنشودة رغم ارتفاع أقدارهم وتسامي قدراتهم.
يغلي صدر المنتفخ على المختلف، يحاربه ويهدده بالطرد من المجموعة ومع ذلك يصمت صمتا مريبا أمام مواضيع تم نشرها بعلمه قد تشكل خطرا على أمن الناس وعلى معايشهم، وعندما تلفت انتباهه يقول لك لا بد من هامش للحرية فتضحك من ذلك الهامش الذي يمنحه هذا القمعي بطبعه. لكن هذا هو حال من لم ير شيئا فلما رأى نفسه آمرا ناهيا أصابه الجنون وهي حالة زائلة والقادم خير وأبقى.
0