نعيش في الصحراء الحارة ونتكبد أشعة الشمس الملتهبة كل صباح مع ارتفاع درجات الحرارة العالية, يتبع ذلك من عوادم السيارات والمصانع والمكيفات المستهلكة مع غبار الصحراء المرهق, أضف إلى ذلك الدخاخين والأتربة الموجودة بسبب عوامل التعرية المحيطة.
أود لفت انتباه القارئ الكريم أن المشكلة ليست في معيشة الصحراء. فالقوة والطاقة البشرية متكيفة وقادرة على صنع البيئة المحيطة وتغييرها إلى بيئة أجمل وأصح والبديل الأميز. وسيفعل هذا الأمر مع رؤية 2030 وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده -حفظهم الله-. هنالك أمثلة عديدة رائعة في بعض المناطق بمملكتنا, وأيضًا نرى كثيرًا من الأحياء المشجرة تمامًا وقد يلامسك شعور الريف وأنت تتمشى في هذه الأحياء التي تلاقي اهتمامًا كبيرًا من قبل الأمانة والبلدية المحاطة بالمنطقة. قد تكون عوامل كثيرة مساعدة لجعل هذه المناطق والأحياء مزهرة بالأشجار والظواهر الصحية ونظافة الأرصفة وخلوها من تفاصيل التصحر، وهي تنبع من بئر خاص بمن يعمل ويدير بلدية المنطقة وعمدة الحي والأمانة العامة للمنطقة, هنالك تفضيل لا محالة وكأن البلاد مقسمة والأرض ليست واحدة. أستغرب كثيرًا عندما أرى المنظر الجميل أمام بلدية فرعية فقط, فقد قاموا بغرس الأشجار والنخيل وإنشاء حديقة جميلة وإضافة خدمات ومرافق لها مع الاهتمام بها وما يحيط بهذه البلدية الفرعية, بينما على بعد عدة أمتار ترى الوجه الحقيقي والتقصير من هذه المنشأة.
أليست هذه مملكتنا الحبيبة؟ أليست هذه أرضنا وبلادنا؟ إذًا, لماذا لا نرى الاهتمام في مملكتنا الحبيبة وأرضنا وبلادنا من قبل الأمانات العامة والبلديات الفرعية المسؤولة بالأحياء السكنية، والطرقات السريعة، والشوارع الفرعية، والحدائق العامة والمدن الصناعية فيما يسمى (ظاهرة التشجير الصحية والتقليل من التلوث).
كل ما يطلبه المواطن في المملكة العربية السعودية من الأمانات العامة للمناطق والبلديات العامة وهيئات التطوير الاهتمام بالمنطقة الجغرافية الخاصة بها, والتفنن في جعلها أفضل من أي منطقة أخرى بالمنافسة, بل يجب تفعيل حقوق القاطنين بالمنطقة المحاطة من تشجير, نظافة أرصفة عبور, رصيف مشاه لأهالي الحي, حديقة مجهزة لكل عائلة تتمتع في عصريتها برفقة أطفالهم بعد يوم شاق وطويل في العمل.
أجزم ويجزم كل فرد مواطن أو مقيم أن حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده داعمين لكل الأمانات والبلديات ومجهزين كل ما يحتاجه طاقم الأمانة والبلدية, كما نجزم جميعًا أن التقصير والتمييز يأتي من جهتي الأمانة والبلدية. هذا هو الواقع المرير الذي يستمر مع مرور الأزمنة مع مرور وتكرار نفس الشخصيات والعقلية الإدارية من المدرسة القديمة.
نريد ظاهرة التشجير الصحية أن تكون أحد أهم معالم المدينة, وأن تساهم في جعل بيئتنا أقل تلوثًا, وأجمل منظرًا, وأكثر ظلًا تحت أشعة الشمس الحارة, ولنا في المدن العالمية أمثلة كثيرة إن بحثنا ورأينا ولربما أجمل مثالًا يضرب به هنا هو مدينة نيويورك الأمريكية. عمائر وبنايات أسمنتية شاهقة وشاحبة, قطارات وسيارات وشاحنات مكتظة, أدخنة متصاعدة, ومع ذلك تجد المنتصف الرائع من مدينة نيويورك يتمتع باللون الأخضر. هل تعلمون أن عدد الأشجار في العام الماضي تجاوز رقم سبعمائة ألف شجرة؟
مايحدث من تقصير للأشجار الموجودة ليس واجبًا ولا ضروريًا، بل إنه ليس من مقومات الارتقاء بالصحة والحياة الخضراء. فليس لدينا فصل خريف لتتساقط الأوراق وتملأ الأرصفة والطرقات ولن تعيق الحركة للعابرين. يجب الاهتمام بها وتكريس الجهود لسقايتها وحمايتها وجعل منها منظرًا جميلًا مريحًا لكل العابرين ولكل من يبحث عن شجرة ليستظل تحتها.
يا جماعة الخير, كل ما نبذله من إجراءات تحسينية, تطويرية وإنشائية لبيئة بلادنا, سيكون عائدًا لنا نحن. سيكون عائدًا لأرضنا وبلادنا على مدى الأيام والسنين والأجيال القادمة. مانريده هو مواكبة البيئات الصحية العالمية في ظل مقدرتنا على ذلك. حقيقة لا ينقصنا الفكر ولا المال وإنما نريد العمل بطريقة منتهجة جديدة. لو عمل كل فرد في المنشآت الخاصة بالتطوير والاهتمام بتطوير الفكرة الحالية إلى فكرة جديدة ومنظور العمل الوطني والحب لهذه الأرض الطيبة، وأن هذه الأرض أرضه ولأجياله القادمة ولمواكبة رؤية المملكة 2030 سنرى أرضنا خضراء وصحية وبيئة مساعدة لحياة أفضل.
أملي في الله سبحانه وتعالى أن نغير مفهوم التصحر إلى اللون الأخضر، وأختم مقالي بحديث رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: “إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة, فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل”.
إداري سابق في خمس شركات أمريكية بالولايات المتحدة، ثم سفارة خادم الحرمين الشريفين،
مؤسس ورئيس النادي السعودي بأمريكا
مقال محترم لشخصية راقية نفخر بها جميعاً أتمنى لكم التوفيق