قبل أن تحتضن أناملي يراعي ، وترسم أحرفي كلماتي ، وتنقل جملي معاناتي ، وضعت قلمي على ورقي ، وطفت بخيالي الى البعيد ، فأوقفني الخيال أمام محطات مضت من حياتي ، حملت ذكريات غالية لأسرة كنت بينهم طفلة مدللة تلعب هنا وتلهو هناك لا تخشى أحدا ، فشجاعتها وقوتها استمدتها بقرب شقيقها منها ، الذي كانت نظراته تحميها من شر الآخرين .
تذكرت تلك الأيام وتذكرت معها معنى الاخوة ، وشقيقي الذي كان ظلا يقيني ، ومنديلا يمحو دموعي كلما سقطت من عيناي ، وبلسما يعيد البسمة الى شفتاي ، تذكرت ما مضى وطفت بين أيام عشتها برقة الأخ وحنان الشقيق .
وحينما جاءت النهاية المؤلمة تحول فرحي الى حزن ، وبسمتي الى دمعة ، فكم كان رحيلك أخي وشقيقي مفجعاً ومزعجاً ومؤلما ، لكننا نؤمن بإرادة الله التي شاءت أن يكون رحيلك عن دنيانا الفانية في الشهر الحرام وبأم القرى ووسط حجاج بيت الله الحرام ، فهونت علينا مصائبنا ، وأوقفتنا أمام روحك الطاهرة الطيبة ، التي ذكرتنا برجولتك وهمتك وطيبتك وشهامتك وجمال سريرتك .
وان حل البكاء على فراقك وتوارى جسدك الطاهر الثرى ، بعد أن تحول الى جثمان جامد دون حراك ، فقد حمدت ربي أني كنت بالقرب منك ، وأن ثرى مكة المكرمة الطاهر كان مأوى جسدك الذي ان مات ، فان ذكريات صاحبه وحكاياته ستظل تروى لأجيالنا ، كيف كان ذلك الطفل الذي أصبح شابا ظلا لشقيقته حاميا لها من شر الأشرار .
وليتذكر الجميع قول الحق تبارك وتعالى (( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي )) .
رحمك الله يا أعز الناس .
0