لواء م . محمد مرعي العمري
____________________________________
على مدار اليومين الماضيين تابعت ردود فعل المجتمع على إثر صدور الأمر السامي الكريم بإعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية بما في ذلك إصدار رخص القيادة للذكور والإناث على حدٍ سواء ، وما تضمنه الأمر الكريم من تشكيل لجنةٍ عليا من عدة وزارات لوضع آلية تنفيذ الأمر ، وخلصت إلى أن المواطنين قد إنقسموا الى أربع فئات :
▪الفئة الأولى :
أولئك الذين أستبشروا بالأمر الكريم ولكنهم بالغوا في فرحتهم وعمدوا إلى إطلاق هاشتاقات مندفعة ومنها هاشتاق ( الملك ينتصر للمرأة ) كما تحدث البعض من الجنسين في برامج حوارية وكانت ردة الفعل أيضاً في ذات السياق وكأنه لم يكن يشغلنا من هموم المرأة إلاَّ أن
يسمح لها بالقيادة ، ونسي أولئك أن المرأة السعودية كانت ولا زالت تتبوأ الصدارة بين نساء العالم للمكانة التي وهبها الله لها وأن حقوقها لم تهضم كما حاول أعداء الإسلام تصوير ذلك حتى نقول بأن النصر الآن أتاها بعدما طال انتظاره ، وإذا كنّا سنختزل حقوقها في تأجيل السماح لها بالقيادة لدواعيٍ آنيةٍ فهذا من الظلمٌ ، لأن المرأة السعودية وصلت بإنجازاتها وببحوثها شأواً عظيماً ومكانةً مرموقةً في كبريات مراكز الأبحاث وفي المحافل العلمية الدولية فلا يحسن بنا الترويج لمثل هذه الأباطيل التي لا تستند إلى منطقٍ .
▪ الفئة الثانية :
على النقيض تماماً من الفئة السابقة وهم من أظهروا امتعاضهم لصدور الأمر الكريم وبدأوا في نبش إرشيف خطبٍ قديمة ومنها ما هو لبعض من ليسوا من علماء المملكة ، فتلك المحاضرات والخطب التي لم تجد رواجاً في بلدان أصحابها والتي كان طابعها ( الصراخ ) فقط تلقّفها هؤلاء البسطاء ليستشهدوا بها وكأننا أمام أمرٍ جللٍ وشيك الوقوع ، والبعض الآخر أورد قصائد شعراء جهلة جعلوا من التهكم بالمرأة مادةً لتسويق البذاءةٍ واضعين في مخيلتهم أن هناك محاذير قد تقع في حال سمح بقيادة المرأة وأود أن أذكرهم بأن هذه المرأة هي من سبق أن اعترضوا على التحاقها بالتعليم قبل ما يزيد عن نصف قرن من الآن ، كما أذكرهم برفضهم على حقها في الحصول على البطاقة الوطنية التي تثبت هويتها وتحفظ حقوقها حتى باتت الآن شرطاً أساسياً في توظيفها وفي مطالباتها بتلك الحقوق .
▪الفئة الثالثة :
وهم من تفرغوا للسخرية والإستهزاء بالنساء وإرسال بعض الصور لسياراتٍ صبغت بالألوان الزاهية ومعها بعض التعليقات الساخرة ، وإن كنت أراهم أخف وطأةً من الفئتين السابقتين لكني أمقت النيل من المرأة السعودية لأنها ليست مسخاً من كوكبٍ آخر بل هي إبنة بلدي وهي كما تقدم في الحديث عن الفئة الأولى كانت ولا زالت لها ريادتها وبصماتها الواضحةً ومشهودٌ لها بالتميُّز والإبداع على مثيلاتها من بنات حواء .
▪ الفئة الرابعة :
ويمكن أن أطلق عليها( الفئة النخبوية ) من المثقفين المتزنين ومن المواطنين العقلاء لإدراكهم بأن الدولة -أيدها الله- أقامت قواعد الحكم في هذه البلاد المباركة على ثوابت راسخة لا تحيد عنها أساسها تحكيم شرع الله مع مراعاة ما يصلح لمواطنيها من الأخذ بأسباب مواكبة التطورات وبما لا يمس تلك الثوابت ، وقد أوضح الأمر السامي بجلاء السلبيات من عدم قيادة المرأة والإيجابيات التي ستتحقق عندما تقود وفق الضوابط التي سيتم إقرارها من اللجنة العليا المشكلة بالأمر السامي سالف الذكر ، كما جاء في نص الأمر الكريم أن غالبية هيئة كبار العلماء قد رأوا تأييد الأمر لأن الأصل فيه الإباحة ولكون الدولة هي حارسة للقيم الشرعية ويعدُّ ذلك من أولوياتها فهي معنية بتطبيق الضوابط الشرعية اللازمة والتقيد بها .
ويبقى واجبنا كمواطنين أن نثق بقيادتنا وأن نتذكر دائماً بأن في أعناقنا بيعةً لولي أمرنا وولي عهده الأمين وأن الواجب أن ننأى بوطننا عن إفساح المجال لذوي النوايا الدنيئة والأفكار المضللة من تحقيق مآربهم وأن نلهج بالدعاء بأن يحفظ المولى سبحانه لنا هذه القيادة الراشدة ليظل أمننا وارفاً بإذنه تعالى.