..
من أكثر الأسئلة الملحة التي واجهتني خلال رحلاتي الخارجية للدراسة والمؤتمرات، ومع الإعلام الدولي وحتى العربي: لماذا تحرمون المرأة حقها بقيادة السيارة؟
الصعوبة في الإجابة على هذا السؤال وغيره من التساؤلات حول عدم حصول المرأة السعودية على بعض حقوقها المشروعة أنها تستلزم الكثير من الشرح والتفصيل. فمن ناحية، عليك أن توضح الفارق بين العادة والعبادة، بين التقاليد المجتمعية والشرائع الإسلامية. وبعد ذلك يستوجب شرح أسباب عدم موافقة العادات والتقاليد في مجتمعات إسلامية مع الشرع الذي يحكمها. وقبل أن تصل للمرحلة الأخيرة من تبيان الخطوات التي تحققت على هذا الطريق، والمأمول تحقيقها، يكون مستمعك قد ملّ أو اختلطت عليه الأمور.
وفي زمن وعالم يصعب فيهما توقع الأخبار السارة، هطل علينا غيثها الأيام الماضية، مرة واحدة. فبعد انتظار طال، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بمنح المرأة السعودية المزيد من الحقوق: منح المرأة حق قيادة السيارة، وقانون حمايتها من التحرش الجنسي. والآمال تتصاعد في انتظار قانون ثالث لا يقل أهمية: قانون ”حماية الوحدة الوطنية“ الذي يجرم خطاب الكراهية والتفرقة على أساس العنصر والطائفة والجنس.
كنت أقول لناشط أمريكي في مجال حقوق المرأة قبل أسابيع أن عليكم الكف عن التدخل في شأن المرأة السعودية، فهي قادرة على إقناع مجتمعها بإعطائها حقوقها التي كفلها الشرع، وطمأنته إلى كفاءتها واستحقاقها بما أنجزته من قفزات في مجال التعليم والعمل، والمساهمة في خدمة الوطن والتنمية. ولن يؤدي أي تدخل خارجي إلا إلى إحراج تلك الجهود وإظهارها وكأنها تلبية لتحريضكم وضغوطكم. فالمرأة السعودية حققت الكثير من الإنجازات الهامة، بجدارتها وتشجيع حكومتها ومجتمعها، فهي اليوم بمرتبة وزير، ورئيس مجلس إدارة بنوك وشركات كبرى، ومسئولة في القطاعات الحكومية والأمنية والتعليمية والإعلامية والرياضية. كما أنها تمثل نصف طلاب المدارس والجامعات والمبتعثين، وتحقق أفضل النتائج والمعدلات. وتستطيع اليوم أن تصوت وتترشح في المجالس البلدية ومجالس إدارات الغرف التجارية والشركات، وتمثل في مجلس الشورى نسبة تفوق نسبة النساء في الكونجرس الأمريكي ومعظم البرلمانات الأوروبية. كما صدر مؤخرا نظام جديد للولاية يسمح للمرأة بالعمل والتعلم بدون موافقة ولي أمرها. (وفي نظام القيادة الجديد، تمت مساواتها مع الرجل في سن الرخصة، ١٨ عاما، وفي عدم الحاجة لموافقة ولي الأمر).
واختتمت بالإشارة إلى أن كل هذه النجاحات لم تهتم بها منظمات حقوق المرأة، رغم أولويتها، وركزت فقط على مسألة قيادة المرأة للسيارة وكأنها قضية القضايا. ومع ذلك فالأمل أن يصدر نظام يسمح لها بذلك في القريب العاجل.
دار هذا الحوار بيني وبين الناشط الأمريكي وزملائه عربا وأجانبا قبل شهر تقريبا، وهانحن اليوم نحتفل بتحقيق حزمة إنجازات لا واحدة، وخلال أيام: مشاركة المرأة مع أسرتها في احتفالات اليوم الوطني، السماح لها بقيادة السيارة، والتوجيه بإصدار نظام مكافحة التحرش.
كدت أتواصل مع هؤلاء النشطاء لأقول لهم مزهوا: ألم أقل لكم؟ صدقوني إذن عندما أتنبأ بمزيد من الأخبار السارة في مقبل الأيام، ولعل أهمها صدور قانون ”حماية الوحدة الوطنية“! إلا أنني فضلت أن أجمع كل أفكاري في مقال باللغة الإنجليزية سأنشره في عمودي الأسبوعي بصحيفة ”سعودي جازيت“ وأرسله لهم. نعم، نحن نتقدم ونتطور، وبخطوات أسرع وأكثر ثباتا في عهد ملك الحزم والعزم، ولكنه نمو ونماء بدفع مجتمعي وإرداة وطنية ورعاية سامية، وليس بفضل أو استجابة لأي قوى خارجية.
مرحبا ألف بالمرأة السعودية في كابينة القيادة، لتشارك شقيقها الرجل إدارة التنمية وبناء الوطن. فآفاق المستقبل ورؤية السعودية ٢٠٣٠ تتسع لكل السواعد والعقول.