لا يجب على الإنسان أن يبحث عن نور أخيه الإنسان، بل عليه هو أن يشع بذلك النور مبادرا من خلال سلوكه وتعامله الصادق وسينسكب ذلك النور، وينثال مشعا بوميضه اللامع إلى كل من حوله، ومن هنا تُستلهم حالات التفكير الإيجابي التي هي كفيلة بتغذية تلك الجوانب وإيقاظ نورانية الإنسان، فالإنسان عندما يُعمل العقل بشكل جيد وإيجابي، فإنه على ضوء ذلك يمتد مرنا لينًا وامضا إلى من حوله، وبالتالي يرى الوجود كل الوجود مضيئا ومشرقا، وبالضرورة تنجلي مع التفكير الإيجابي حالات الغبش والضبابية والاعتام، ويتجلى كل شيء نائرا في الوجود، وبالتالي يشعر الإنسان بتوجهه نحو العطاء فتتصاعد وتيرته بكل سخاء محفوفًا بالأنس والراحة وحتى الطمأنينة، ليس للإنسان مع نفسه بل ومع كل محيطه، والخالق -عز وجل- قد فطر الناس على محبة الوجه المشرق، كمرحلة أولى للتعايش مع الآخرين وبشكل أمثل في التقارب لترتقي وقيمة الإنسان وعقله، وجاء الإسلام يؤكد على هذا المعنى (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، عند ذلك ستمتد جسورا من المودة والمحبة والتعايش الإنساني داخل كل المجتمعات الصغيرة، وحتى المجتمع الإنساني الكبير وقد قال الشاعر :
أخو البِشْرِ محبوبٌ على حُسْنِ بِشْرِهِ
ولن يعدم البغضاءَ منْ كان عابسا
في المقابل فإن حالات العبوس والكدر حال أي لقاء هي لاشك طاردة وأجوائها غالبًا ما يخيم عليها التراجيديا، وقد تتصاعد وتيرتها إلى حالات عدائية ناقمة وعلى كل الوجود، وما أعنيه هنا بالتراجيديا؛ لأنها إجادة بحرفية لعمل درامي مفتعل ليس له واقع أو حقيقة على الأرض، فقط هو حرمان من إشراقات النور ودفء الابتسامة، وعلى ما يجيش لتلك الحالة العابسة، هو لمدى تفاؤلك أنت كطرف مقابل وربما لجسارتك في الصبر ولقدرتك على العطاء في كل أوجه الحياة، الأمر الذي يجعل الآخر يفكر بسلبية هادمة ومدمرة ويقحم نفسه في أوهام باطلة، وهنا تبدأ عذابات النفس وحالات القلق، ففاقد النورانية يذهب بعيدًا إما يستجرّ واقع مرير أو عمل ناجز على الأرض ليتذمر منه، صراع مع الذات ليس إلا، مع أن ليس له الحق في نقده فضلا عن التذمر منه، واستتباعا لذلك فإن المتاعب الاجتماعية جراء ذلك لاسيما في رواق المجتمع الصغير سوف تتوالى باستمرار، وغالبا ما يكون المشهد الاجتماعي ملامحه مؤلمة، فهو في أحسن أحواله كئيب وبائس وحضوره العام فاتر وشاحب، وتلك الفئة غالبا ما يتطلعون إلى أن نواكب أفكارهم وتطلعاتهم، وحتى آمالهم وإن كانت لا تتفق وميولنا أو حتى رغباتنا وتطلعاتنا في الحياة ولا حتى السياقات العامة للمجتمع، المؤلم في الأمر حينما ينجرف البعض خلف أوهامهم في تبعية ساذجة تُخرج الإنسان من وعي العقل، ومن سياقه الحقيقي الذي يفترض أن يضع الإنسان نفسه فيه؛ لأن ما يحدد مصائر الناس ويعكس روح الشخصية المستقلة هو من يُعمل العقل ومن ثم يؤثر في النواحي الإيجابية في الحياة الإنسانية بعيدا عن الانجراف إلى حالات بائسة وممقوتة، وهنا لا يفقد الإنسان شيئا من وهجه بهذه التبعية فحسب بل إنه يخل بمضامين إعمال العقل نفسه ومن كل معنى نبيل، بل يسلخ نفسه من المستوى الإنساني الكريم، ولا يمكن أن تكون شخصية الإنسان مستقلة استقلالاً تاما كما ينشدها الدين، إلا من خلال إعمال العقل وهو ما يدعو إليه الإسلام والفطرة السوية، ذاك ما أرجوه من مجتمعاتنا وفي قابل أيامنا للوصول إلى النورانية الحقيقة وبكل أبعادها.
عوضة بن علي الدوسي
ماجستير في النقد والادب
كلام جميل ابا عبدالملك ولكن من وجهة نظري لا ينطبق على الذين تأصل الحقد في قلوبهم فالله جلى وعلا يعفو ويرحم ويغفر الزلات الا هؤلاء …..فهم يحيونها بعد موتها ثم يضيئونها بعد إطفاءها …هذه الفئة الغشمة الضالمة لنفسها قبل غيرها لا يمكن ان ترى الى وجوه كالحها لا يهما ما يقرب الأشخاص لبعضهم البعض بل يتفننون في إيقاع الاخر في الشرك ويفرح حينما يصاب الآخر بسود حتى لو كان مرض من الله فأي فئة انت تتكلم عنهم ؟ غالبية المجتمع لا يعرف معنى ما سطره قلمك هنا فهو أدني من أن يرتقي الى مستوى تفكيرك.