رغم أن الدول الإسلامية والعربية تمثل أكبر تكتلا في جمعيتها العامة (٥٧ دولة)، وتمثل السعودية ودول الخليج أكبر الداعمين لبرامجها الإنسانية، فإن للأمم المتحدة دورا مشبوها في القضايا العربية والإسلامية. ومؤخرا تجلى هذا الدور بوضوح في سوريا واليمن وبورما، وقبل ذلك في البوسنة والهرسك والشيشان وتركستان وفلسطين وفي كل مكان عانت فيه الجاليات الإسلامية من ظلم وطغيان. ومع ذلك لم تقدم المنظمة الأممية أي موقف رادع ومفيد للدفاع عن المسلمين والعرب. بل بدا في كثير من الأحيان أنها تقف مع الظالمين، كما فعلت مع صربيا وتفعل اليوم مع إسرائيل.
ومؤخرا كانت هناك مواقف غريبة في اليمن أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه منذ تولي الأمم المتحدة الملف اليمني بعد الأخذ بالمبادرة الخليجية واستقالة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وتكليف السيد جمال بن عمر بالإشراف على تطبيق المبادرة وإدارة المرحلة الانتقالية. فما إن تسلمت المنظمة وموفدها الأممي الملف من الدول الخليجية والوضع يتدهور من سيئ إلى أسوأ. فتحت سمعه وبصره دخل الحوثيين صنعاء والحديدة وحاصروا تعز وعدن، واستولوا على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وتمكنوا وشريكهم الرئيس السابق من الحكم. ولولا عاصفة الحزم لتمكنوا من السيطرة على كافة مناطق اليمن وسلموها لقمة سائغة لإيران.
ورغم استبدال المغربي جمال بن عمر بعد فشله الذريع في حل المشكلة اليمنية، وتدهور الأمور إلى درجة استيلاء الانقلابيين على السلطة وسجن الرئيس ونائبه وحكومته ثم مطاردته بعد هروبه للقضاء عليه، إلا أن البديل لم يكن أفضل كثيرا. فقد اختار أمين عام الأمم المتحدة السابق، الكوري الجنوبي، بانكي مون، موفدا له الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي مال كثيرا لجانب الانقلابيين وحاول ولايزال استرضائهم على حساب الحكومة الشرعية. ولعله وجد الحلف المنشود في إدارة أوباما ووزير خارجيتها جون كيري المفتونين بحضارة فارس، والحريصين على استرضاء حكومة الملالي لضمان التزامها بالاتفاق النووي.
واليوم يأتي الأمين العام الجديد البرتغالي ”الاشتراكي“ أنطونيو جوتيريس ليواصل المشوار بنفس القدر من التحيّز والتأثر بمشورة مساعدين ومفوضين أمميين تم اختراقهم من قبل أعداء التحالف العربي وتورطوا في علاقات مهنية وشخصية مع الانقلابيين لدرجة التعامل معهم كحكومة أمر واقع ومخاطبتهم رسميا للحصول على إحصائيات ومعلومات الحرب؛ وكأنهم جهة رسمية معتمدة دوليا أو محايدة. بل إن المفوض الأممي السامي لحقوق الإنسان في اليمن جورج أبو الزلف قام بتسهيل سفر قيادات ووفود حوثية خارج اليمن بطائرات الأمم المتحدة وقدم بنفسه دورات تدريبية لهم لتحسين صورتهم الدولية ودافع عنهم في محافل عالمية.
أمام هذا التحيّز السياسي والتواصل السري-العلني والعلاقات المشبوهة هل يستغرب أن تخرج علينا المنظمة الدولية بتقارير مسيئة للتحالف العربي وإحصائيات ووقائع خاطئة وملتبسة؟ يبدو أن الأوان قد آن لتدعم الدول العربية والإسلامية في الجمعية العمومية ومجلس الأمن التحركات لإعادة هيكلة وتصحيح مسار المنظمة العجوز، وتجديد قياداتها بدماء شابة، جديدة، لم تتلوث بالأيديولوجيا والحزبية والمصالح الشخصية. كما أن من حقنا أن نطالب بتغيير شامل لممثليها في بلادنا العربية والإسلامية بعد أن ثبت تهاونها أو تأمرها ضد شعوبنا من بورما وسوريا إلى فلسطين واليمن.
كما أن علينا أن نحول دعمنا تجاه منظماتنا العربية والإسلامية بعيدا عن مؤسسة ثبت فسادها وترهلها وتحيزها ضدنا.