بصورة غير مسبوقة، احتفت روسيا هذا الشهر بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله.
تلك الزيارة التاريخية، والتي شهدت أكبر تظاهرة اقتصادية وثقافية عزّزت الرغبة الصادقة من البلدين الصديقين على دفع علاقتهما إلى آفاق أرحب نحو شراكة قوية تستثمر ما يتمتّع به البلدان من موارد مادية وبشرية.
أيضًا هكذا علاقات متينة من شأنها أن تُسهم في تعزيز الأمن والازدهار في كلا البلدين، وفي بقية أرجاء العالم لما للسعودية وروسيا من ثقل سياسي واقتصادي، وقدرة على مواجهة المصاعب والتحديات، وتحديدًا التصدي الحازم ضد آفة الإرهاب وتحقيق الاستقرار النفطي في الأسواق العالمية.
وطالما الحديث هنا يتعلّق بالاقتصاد، فيجدر بالقول أن رؤية السعودية 2030 تتيح آفاقًا واسعة لدخول واستثمار الشركات الروسية داخل السوق السعودي، وربما فاتحة ذلك هو اتفاق الدولتين أثناء الزيارة على إطلاق صندوق استثماري مشترك بقيمة مليار دولار، وتوقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تتعلّق بمجالات اقتصادية وصناعية وتقنية وزراعية، ستساهم في توفير الكثير من فرص العمل النوعية، وتدفع بشكل مثمر نحو تعزيز العلاقات الاستراتيجية والمصالح المشتركة بين البلدين.
سياسيًا، كان الملك سلمان واضحًا وهو يبيّن بكل شفافية قضايا المنطقة وأبرزها قضية فلسطين والتدّخلات الإيرانية غير المقبولة في شؤون دول المنطقة، مشددًا على أن استقرار وأمن منطقة الخليج والشرق الأوسط ضرورة قصوى لتحقيق الاستقرار والأمن العالمي.
لقد عكست الزيارة ونتائجها تطلعات الدولتين وحرصهما المشترك لتعزيز الأمن وتوسيع مصالحهما المتبادلة، ويتجلّى ذلك في توطين الأنظمة العسكرية المتطورة عبر صفقات غير مسبوقة بين البلدين، وتوقيع مذكرة تفاهم حول تطوير قطاع صناعة الأنظمة العسكرية والأسلحة في السعودية، ولعل كل هذه المخرجات المثمرة تأتي نتاجًا لتلك الجهود الحثيثة التي انطلقت منذ زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا في عام 2015م، وبلا شك فإن تنمية العلاقات مع روسيا كأحد أهم الأقطاب العالمية ستشكّل بداية لعودة الاستقرار في المنطقة، وستسهم في حلحلة عدة أزمات قائمة، أبرزها التدخلات الإيرانية، وملف الأزمة السورية.
0