..
عندما نتحدث عن رؤية المملكة #رؤية_2030 فنحن لا نتحدث عن رؤية مقدسة “كما يقدمها الغلاة”، ولا عن غرائز مدنّسة “كما يصفها الجفاة”، بل هي مجموعة من العلاقات المعقدة، والموازنات الواعية، والمسؤوليات المدروسة، إنها إعادة لترتيب الأولويات، وإعادة لتفسير الأنا واللهو، ومحاولة جادة ومسؤولة لتحديث الواقع، وتحديد المستقبل، إنها تفسير للأحلام، وتعويذة طاردة للكوابيس والسهاد والسوداوية، ولهذا حق لنا أن نصفها بأنها رؤية العقل وعطاء الوعي ومعنى الشعور والمسؤولية، إنها باختصار نزع للروح القديمة، وميلاد لحياة جديدة، ويا لغبطة الذين يعون المرحلة ويستثمرون التحول، أولئك الذين يؤمنون بأن العالم اليوم يعيش تحولات شتى، في الزمن ومحتواه، وفي السرعة ومفهومها، وفي المسافة ودلالتها، وفي القوة ومعناها، وفي السيادة وضوابطها، ويضعون حيال هذه التحولات سياسات وتدبيرات تمليها الحكمة، وتقوم بها المسؤولية، وعيًا بضرورات المرحلة، وبصيرة بشبكة العلاقات، وحدّة الموازنات، وحساسية اللحظات والقرارات المترتبة عليها، إنّ العامة والخاصة اليوم وفي ظل هذه التحولات بحاجة ماسة لإعادة رؤيتهم لأنفسهم ودورهم ومكانتهم، وبحاجة لقراءات جديدة للمفاهيم والدلالات التي مسّها التحول، وغرّها الأمد، كمفاهيم الفردية والسيادة، والعدل والظلم، والسلطة والقانون، والمؤسسات والمجتمع، لأن النظرة الأُحادية، والتحيز الأيديولوجي، الذي كان يتسع للعامة والخاصة لم يعد متاحا لأحد منهم اليوم، لا لشيء مصادف مفاجئ للمقادير، ولا لحادث خارق خارج عن طبيعة الكون وسنة الله، بل لأن الأيام دول، والليالي طاوية، والحوادث نازعة واهبة، والأمر والخلق لله، فهنيئًا لمن منحه الله الحكمة وتحول بها من يومه إلى غده، وتبًا لمن قعد به وهمه، في طريق التحول الذي حتما سوف يحطمه.