..
اختص الله – جل وعلا – الدين الخاتم بخصائص ومزايا تجعله صالحا بل ومصلحا لكل زمان ومكان، جامعًا لمصالح العباد في دنياهم وأُخراهم. ومن أمثلة ذلك الناصعة نظام الوقف الذي وُجد ليعين المحتاجين مع حفظ كرامتهم وصيانة ماء وجوههم في سمو للنزعة الإنسانية – كما يقول د.مصطفى السباعي – “سموًّا يفيض بالخير والبر والرحمة على طبقات المجتمع كافة، بل على كل من يعيش على الأرض من إنسان وحيوان، وبهذا المقياس تخلد حضارات الأمم وبآثارها في هذا السبيل يفاضل بين حضاراتها ومدنياتها”. لقد أسهم الوقف في تكوين المجتمع الإسلامي المتراحم، ووثق عرى النسيج الاجتماعي، كما دعم روح التكافل والتواصل بين الناس فرأينا في التاريخ عبر العصور وحتى وقتنا المعاصر من أوقف ماله لبناء المساجد وصيانتها ومن أوقف وقفا لعلاج مرضى المسلمين
“البيماريستان“، وأوقاف للجهاد ولوازمه وأخرى لتزويج وإعفاف المسلمين والمسلمات. بل لقد وُجد في تراثنا أوقاف عجيبة كأوقاف مواساة المرضى حيث يُستخدم من يُسري عن المرضى ويزورهم، وأوقاف التعليم المعنية بالتكفل بتعليم ورعاية طلبة العلم، هذا غير أوقاف رعاية البهائم والحيوانات إطعاما
وعلاجا.
إن الوقف في حقيقته نظام مؤسسي تنموي إنتاجي دائم النفع والعطاء، هدفه التأصيل والتأسيس للعملية التنموية الاجتماعية المستدامة.
بعد هذه المقدمة الطويلة نوعًا ما يجدر القول إن دور الأوقاف ومكانتها قد اختل في وقتنا الحاضر بصورة أو أخرى مع بقاء أمثلة ناصعة يجب أن تُحتذى. فمن المشاهد المؤسف نزعة كثير من المسلمين؛ لبناء المساجد وإعادة بناء ما لا يحتاج منها إلا لبعض الترميمات مع وفرة المساجد حتى أصبح للحي الواحد أكثر من مسجد في حين قلت الأوقاف المخصصة لإسكان وتعليم ورعاية المحتاجين مع تكاثرهم، ومسيس حاجتهم وكل ذلك بسبب قصور النظر وعدم إدراك الأولويات. هذا من ناحية، و من ناحية أخرى بسبب عدم رعاية نُظار الأوقاف لما تحت أيديهم من الأوقاف رعاية تضمن بقاء الوقف والانتفاع به بأفضل صورة ممكنة.
المؤمل أن يعود نظام الوقف فكرا و تطبيقا لحيز الاهتمام وأن تُبتكر أوقاف تُلبي حاجة الناس في وقتنا الحالي مع إيجاد مختصين في تنمية الأوقاف والمحافظة عليها وفق أعلى المعايير العالمية، ولعلنا أن نستفيد من تجارب الأفراد الناجحين أمثال بيل جيتس الأمريكي ومثالنا السعودي الناصع الشيخ سليمان الراجحي وهما مثالان لمن أوقف ماله لأعمال الخير، ثم لم يركن لذلك بل بحث عن أفضل طرق الاستثمار التي تعود على الوقف و مستحقيه بالنفع والديمومة. أيضًا من الأمثلة الناصعة الناجحة حاليًا أوقاف زمزم وهيئة الإغاثة وهي أوقاف جديرة بالدراسة لاستلهام مميزاتها وفكرة تفردها في مجال نفعها لتكون منطلقًا لأفكار وقفية متخصصة مبتكرة مما يحتاجها أهل زماننا هذا.
ختاما، فكرة أسهم الوقف فكرة محدثة مبتكرة سهلت على الناس المساهمة في الوقف في سبيل الله، ونيل الثواب الجزيل المترتب على ذلك وهي مثال للأفكار المتوافقة مع العصر.
بارك الله فيك وجزاك الله خير على هذا الطرح المبارك .نعم اضم صوتي لك بأن اقول ان هناك قصور واضح ( للوقف والقائمين والداعمين له )