د. فاطمة عاشور

(neom ) كما يجب أن تكون !

(رؤية مقدمة إلى ولي العهد) 

2030.. ذلك التاريخ المرتقب . . تفصلنا عنه اثنا عشر عاما ، ليست بالطويلة كما أنها ليست بالقصيرة في عمر تطوير الشعوب و تحويل الحلم إلى واقع ، حلمٌ و رؤية يمكن تحويل الأول منها إلى واقع ملموس و تحقيق مواصفات الثانية بكثيرٍ من صبر و فائق من تخطيط سليم و عظيمٍ من عمل دؤوب .
2030 حيث النفط ليس سيدنا و لا نقبع تحت امرته نخشى هبوط سعره و ترتعد فرائصنا رعباً من يوم نضوبه .. فتحٌ لمصادر دخل جديدة و مجالات عدة تصنع شكل الإنسان السعودي مع بداية العقد الرابع بعد الألفية الثانية .. لاشك أنها تحويلة مسار في شأن هذا الكيان الكبير و بداية وجهة فكر مختلف و متجدد للحفاظ على هذه الدولة و استمرارها..
و بالنظر إلى أمم أخرى كثيرة نجد أن تحويل المسارات فيها بدأت بأحلام مماثلة و دكت الأرض بعدها دكاً لتحويل الحلم لحقيقة مثلما حدث في اليابان أو ماليزيا و غيرها .. و يأتي الإعلان و التخطيط لـ”نيوم” و هي المدينة العملاقة القابعة في رحم حلم 2030 لتكون برهاناً على واقعية الحلم و لتشكل وسيلة التحويل الى الواقع فهي الأداة و في ذات الوقت هي الثمرة .. مدينة تعمل بطاقة خيالية لازدهار تسع مجالات أهمها الطاقة و المعيشة و كل ذلك في جزء من الأرض توفرت فيه من مواصفات الجمال و الروعة و الاستراتيجية الجغرافية ما يجعله خياراً مثالياً مما سيفتح آلاف الفرص لآفاق من أعمال و تفوق و حضارة و صناعة و استقطاب للاستثمار الدولي و المحلي ..
حتى الآلة تم تطويعها لتعمل في أروقة ذلك الكوكب المنتظر فقدمت لنا صوفيا نفسها كروبوت متفوق المزايا و التقنيات .. كل هذا يطلق الحماس في شرايين هذا الشعب الذي يريد -كأي شعب- التغير نحو الأفضل و الأرقى في معيشته و حياته ..

لكن ….

هذا الحلم لن يحصد النجاح المرتقب إلا إذا كان الهدف الأول قبل بناء المدن هو بناء الإنسان.. و الهدف الثاني قبل استخدام الروبوت و توظيفه هو تطوير عقل البشر و من ثم توظيفه .. جميل و مبهر أن يتم اقتناء مثل هذا الإنسان الآلي البالغ التطور و التعقيد و التفوق و الذكاء ومنحه الجنسية و لكن الأكثر جمالاً أن نمنح أبناء السعوديات من آباء أجانب الجنسية أيضاً فهم أولى بها و الأكثر إبهاراً أن نصحو يوماً في 2030 فنجد حياتنا قد تحقق فيها ما يلي :
بنية تحتية و فوقية صحيحة و قوية و مدن ذات كفاءة عالية في التخطيط و التنظيم و التشغيل و التنفيذ ، مدن المملكة بأكملها و ليس مدينة واحدة تخيلية و هذا يقتضي ثورة في مجال النقل و المواصلات ببناء شبكة مواصلات عامة و ثورة في مجال الخدمات البلدية و التنفيذية بحيث نتخلص من جميع نقاط الضعف التي تفسد كمال راحتنا في مدننا و قرانا .
نظام تعليمي متميز ينجح في إخراج مخرجات علمية و عملية تناسب سوق العمل و أيضا سوق عمل متحرك ومرن يستطيع استيعاب المخرجات التعليمية كماً و كيفاً و هذا يقتضي جامعات و مدارس مجهزة وسياسة تعليمية مميزة و آليات تنفيذ خارقة و إصلاح شامل في شتى محاور العملية التعليمية .
– إصلاح شامل في مجال الاهتمام بالصحة و البيئة و هذا يتطلب تحسين كل ما يتعلق بتقديم خدمة صحية و طبية مجانية أو شبه مجانية و متميزة للمواطن .
إعداد إنسان مسلم وسطي – و ما أدراك ما الإنسان – تلك المهمة القاتلة الشاقة لبناء فرد و مجتمع متوازنين دينياً و اجتماعياً و خلقياً و سلوكياً و علمياً و روحياً و عملياً و تتضافر لإعداد ذلك جميع الجهود من جميع الوزارات و الهيئات و المنظمات بل حتى القطاع الخاص من ذوي رؤوس الأموال يساهمون في هذه النهضة و الأهم هو بث الوعي الكافي لتحقيق هذا الأمل.
بناء مناخ ملائم لفكر مستنير متمسك بالثوابت الدينية و مواكب للعصر بلا إفراط أو تفريط .. سياسة كاملة تتبع و تفرض على المواطن في جميع مرافق الوطن و في داخل المجتمعات تتصف بأنها متزنة تحترم حقوق الإنسان و اختلاف الآخر .. فكر ينتج انجازاً و ابداعاً جوهرياً في المضمون لا في الهيكل و القشرة الخارجية.. و يحقق تقليصاً في أوجه الفساد و شبه تخلص من مارد الواسطة و المحسوبية و العنصرية و الرشوة و إهدار المال العام كما يحد من آثار التغريب و محاولة طمس الهوية .

اليابان حين بنى بدأ بالإنسان فعلمه و دربه و ارتقى به مبقياً على أصالته و قيمه الروحية و استثمر ذكاءه حتى توصل إلى صنع إنسان آلي .. بدأ من قاعدة الهرم لا من رأسه .. فالقواعد تبقى و ترسخ و القمم قد تزول لهذا علينا ببناء العقل الذي يبتكر الآلة و لا نشتري الآلة التي قد تأخذ فرصة الإنسان و تعطل المزيد من قدرات عقله و قد ترفع نسبة البطالة بالاعتماد عليها و الاستغناء عن ابن آدم.. و المجتمع بكل ما فيه من ظواهر و مشكلات معنوية نفسية و مجتمعية و أسرية يحتاج إلى زلازل من اهتمام لحل مشكلاته و تقليل سلبياته فالإنسان هو أساس الحضارات لا الحجر و الآلة..
ثم كيف سيتعاطى انسان هذا العصر مع عصر جديد متطور إن لم يتم تجهيزه اولاً لذلك و إلا سنبقى رهناء سيطرة الأجنبي المشغل الفاعل و نظل تحت رحمة الآخر.

..
إذن فلتبدا الدولة في تخطيطها خلال هذه السنوات إلى بناء ذلك الإنسان المسلم السعودي المميز القوي المحصن ضد الإرهاب و طريقه و المعتدل غير المفرط في دينه و قيمه.. المعتز بذاته و إسلامه و وطنيته و انتمائه دون عنصرية و المتصالح مع ذاته و المنتج العامل المبتكر.. بحيث نعود للحفاظ على قدسية الأسرة و استمرارها و تخليص المجتمع من شوائب تمنع ازدهاره و تطويره..نتحد فننشيء أمة عربية سعودية مسلمة تصل يوما أن تكتفي بما تصنع و تأكل مما تزرع و هكذا تزدهر الأمم و تستمر .. و هكذا تنجح الرؤية و يحدث التطوير .. نحب هذا الوطن و نريده الأفضل .
بدلاً من :
Neom .. new era of modern life
Should be : لابد أن تكون
Neom .. new era of magnificent citizen .
تترجم (عصر جديد لمواطن رائع متميز )..
و هذا هو الاستثمار الأمثل سيدي ولي العهد .

Related Articles

One Comment

  1. نعم
    صدقت القول
    الرؤيا ليس فيها أي شيء يهتم ببناء الأنسان
    علمني كيف اصطاد
    ولا تهديني سمكه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button