(رؤية مقدمة إلى ولي العهد)
2030.. ذلك التاريخ المرتقب . . تفصلنا عنه اثنا عشر عاما ، ليست بالطويلة كما أنها ليست بالقصيرة في عمر تطوير الشعوب و تحويل الحلم إلى واقع ، حلمٌ و رؤية يمكن تحويل الأول منها إلى واقع ملموس و تحقيق مواصفات الثانية بكثيرٍ من صبر و فائق من تخطيط سليم و عظيمٍ من عمل دؤوب .
2030 حيث النفط ليس سيدنا و لا نقبع تحت امرته نخشى هبوط سعره و ترتعد فرائصنا رعباً من يوم نضوبه .. فتحٌ لمصادر دخل جديدة و مجالات عدة تصنع شكل الإنسان السعودي مع بداية العقد الرابع بعد الألفية الثانية .. لاشك أنها تحويلة مسار في شأن هذا الكيان الكبير و بداية وجهة فكر مختلف و متجدد للحفاظ على هذه الدولة و استمرارها..
و بالنظر إلى أمم أخرى كثيرة نجد أن تحويل المسارات فيها بدأت بأحلام مماثلة و دكت الأرض بعدها دكاً لتحويل الحلم لحقيقة مثلما حدث في اليابان أو ماليزيا و غيرها .. و يأتي الإعلان و التخطيط لـ”نيوم” و هي المدينة العملاقة القابعة في رحم حلم 2030 لتكون برهاناً على واقعية الحلم و لتشكل وسيلة التحويل الى الواقع فهي الأداة و في ذات الوقت هي الثمرة .. مدينة تعمل بطاقة خيالية لازدهار تسع مجالات أهمها الطاقة و المعيشة و كل ذلك في جزء من الأرض توفرت فيه من مواصفات الجمال و الروعة و الاستراتيجية الجغرافية ما يجعله خياراً مثالياً مما سيفتح آلاف الفرص لآفاق من أعمال و تفوق و حضارة و صناعة و استقطاب للاستثمار الدولي و المحلي ..
حتى الآلة تم تطويعها لتعمل في أروقة ذلك الكوكب المنتظر فقدمت لنا صوفيا نفسها كروبوت متفوق المزايا و التقنيات .. كل هذا يطلق الحماس في شرايين هذا الشعب الذي يريد -كأي شعب- التغير نحو الأفضل و الأرقى في معيشته و حياته ..
لكن ….
هذا الحلم لن يحصد النجاح المرتقب إلا إذا كان الهدف الأول قبل بناء المدن هو بناء الإنسان.. و الهدف الثاني قبل استخدام الروبوت و توظيفه هو تطوير عقل البشر و من ثم توظيفه .. جميل و مبهر أن يتم اقتناء مثل هذا الإنسان الآلي البالغ التطور و التعقيد و التفوق و الذكاء ومنحه الجنسية و لكن الأكثر جمالاً أن نمنح أبناء السعوديات من آباء أجانب الجنسية أيضاً فهم أولى بها و الأكثر إبهاراً أن نصحو يوماً في 2030 فنجد حياتنا قد تحقق فيها ما يلي :
– بنية تحتية و فوقية صحيحة و قوية و مدن ذات كفاءة عالية في التخطيط و التنظيم و التشغيل و التنفيذ ، مدن المملكة بأكملها و ليس مدينة واحدة تخيلية و هذا يقتضي ثورة في مجال النقل و المواصلات ببناء شبكة مواصلات عامة و ثورة في مجال الخدمات البلدية و التنفيذية بحيث نتخلص من جميع نقاط الضعف التي تفسد كمال راحتنا في مدننا و قرانا .
– نظام تعليمي متميز ينجح في إخراج مخرجات علمية و عملية تناسب سوق العمل و أيضا سوق عمل متحرك ومرن يستطيع استيعاب المخرجات التعليمية كماً و كيفاً و هذا يقتضي جامعات و مدارس مجهزة وسياسة تعليمية مميزة و آليات تنفيذ خارقة و إصلاح شامل في شتى محاور العملية التعليمية .
– إصلاح شامل في مجال الاهتمام بالصحة و البيئة و هذا يتطلب تحسين كل ما يتعلق بتقديم خدمة صحية و طبية مجانية أو شبه مجانية و متميزة للمواطن .
– إعداد إنسان مسلم وسطي – و ما أدراك ما الإنسان – تلك المهمة القاتلة الشاقة لبناء فرد و مجتمع متوازنين دينياً و اجتماعياً و خلقياً و سلوكياً و علمياً و روحياً و عملياً و تتضافر لإعداد ذلك جميع الجهود من جميع الوزارات و الهيئات و المنظمات بل حتى القطاع الخاص من ذوي رؤوس الأموال يساهمون في هذه النهضة و الأهم هو بث الوعي الكافي لتحقيق هذا الأمل.
– بناء مناخ ملائم لفكر مستنير متمسك بالثوابت الدينية و مواكب للعصر بلا إفراط أو تفريط .. سياسة كاملة تتبع و تفرض على المواطن في جميع مرافق الوطن و في داخل المجتمعات تتصف بأنها متزنة تحترم حقوق الإنسان و اختلاف الآخر .. فكر ينتج انجازاً و ابداعاً جوهرياً في المضمون لا في الهيكل و القشرة الخارجية.. و يحقق تقليصاً في أوجه الفساد و شبه تخلص من مارد الواسطة و المحسوبية و العنصرية و الرشوة و إهدار المال العام كما يحد من آثار التغريب و محاولة طمس الهوية .
اليابان حين بنى بدأ بالإنسان فعلمه و دربه و ارتقى به مبقياً على أصالته و قيمه الروحية و استثمر ذكاءه حتى توصل إلى صنع إنسان آلي .. بدأ من قاعدة الهرم لا من رأسه .. فالقواعد تبقى و ترسخ و القمم قد تزول لهذا علينا ببناء العقل الذي يبتكر الآلة و لا نشتري الآلة التي قد تأخذ فرصة الإنسان و تعطل المزيد من قدرات عقله و قد ترفع نسبة البطالة بالاعتماد عليها و الاستغناء عن ابن آدم.. و المجتمع بكل ما فيه من ظواهر و مشكلات معنوية نفسية و مجتمعية و أسرية يحتاج إلى زلازل من اهتمام لحل مشكلاته و تقليل سلبياته فالإنسان هو أساس الحضارات لا الحجر و الآلة..
ثم كيف سيتعاطى انسان هذا العصر مع عصر جديد متطور إن لم يتم تجهيزه اولاً لذلك و إلا سنبقى رهناء سيطرة الأجنبي المشغل الفاعل و نظل تحت رحمة الآخر.
..
إذن فلتبدا الدولة في تخطيطها خلال هذه السنوات إلى بناء ذلك الإنسان المسلم السعودي المميز القوي المحصن ضد الإرهاب و طريقه و المعتدل غير المفرط في دينه و قيمه.. المعتز بذاته و إسلامه و وطنيته و انتمائه دون عنصرية و المتصالح مع ذاته و المنتج العامل المبتكر.. بحيث نعود للحفاظ على قدسية الأسرة و استمرارها و تخليص المجتمع من شوائب تمنع ازدهاره و تطويره..نتحد فننشيء أمة عربية سعودية مسلمة تصل يوما أن تكتفي بما تصنع و تأكل مما تزرع و هكذا تزدهر الأمم و تستمر .. و هكذا تنجح الرؤية و يحدث التطوير .. نحب هذا الوطن و نريده الأفضل .
بدلاً من :
Neom .. new era of modern life
Should be : لابد أن تكون
Neom .. new era of magnificent citizen .
تترجم (عصر جديد لمواطن رائع متميز )..
و هذا هو الاستثمار الأمثل سيدي ولي العهد .
نعم
صدقت القول
الرؤيا ليس فيها أي شيء يهتم ببناء الأنسان
علمني كيف اصطاد
ولا تهديني سمكه