..
تتباين وجهات النظر بين كثير من الناس حول الدورات التدريبية ، فهنالك من يكرهها مطلقا ، ولا يؤمن الا بالتعليم الاكاديمي .. وهنالك من يقبل بالدورات المتخصصة ، كدورات الهندسة ، او الصحافة ، او التصوير ، او غيرها من الدورات المتعلقة بالإعمال .. ويرفض جميع دورات ما يسمى ( بتنمية الذات ) .
وهنالك من يتجاوز ذلك كله فيعتبر ان دورات تنمية الذات – والتي تتضمن ( دورات البرمجة اللغوية العصبية – قبعات التفكير – مقياس هريمان – فنون الطاقة – اخرج المارد الذي في داخلك ) وغيرها من العناوين الكثيرة – دجل وسرقة اموال الناس بالباطل لأنها – وكما يعتقد – انها علوم غريبة غربية ، ولا تتماشى مع الشريعة الاسلامية .
وسبب اختلاف الناس في رؤيتهم للدورات بين الرفض والقبول .. فتعود اسباب رفضهم للدورات الى عدة امور منها : ان الشخص قد يكون قد لدغ في دورة دفع فيها ( ماله ، ووقته ، وجهده ) ثم لم يستفيد منها شيئا !.
ومنها انه قد يكون اعتقد ان هذه الدورة ستغير مجرى حياته في ايام ، ولم يتغير فيه شيئا !.. ومنها انه قد يكون وسعّ توقعاته في مدرب الدورة ثم وجده شخصا فارغا لم يضيف له شيئا !.
ومنها انه قد يكون حضر الى دورة وشعر ان فيها افكار تخالف مبادئه وما تربى عليه ، فخاف من تأثير الدورة على سلامة اعتقاده الديني .
ومنها ان البعض يحبذ العلوم المأخوذة من التراث الاسلامي ، وينكمش عن ما سواها ! فيأتي الى دورة ويجد فيها مفاهيم جاءت من كتب غربية فيرفض ذلك ، ويقول: انا لا احتاج الى هذه الدورات ، فالقران ، والسنة فيهما كلما احتاجه في حياتي .
ومنها انه يرى ان الدورات عبارة عن تجارة لبيع الشهادات ، وجني الاموال من اجل تعبئة السير الذاتية لمن يحب ذلك ! .. وغيرها من الاسباب الكثيرة التي تجعل بعض الناس ينكمشون عن حضور الدورات ، ويتهمون المراكز التدريبية بالنصب ، والاحتيال !.
واما ما يتعلق بمن يحبون الدورات فهم يأتون الى الدورات لثقتهم في الفائدة التي يجنوها منها ، والتي تجعلهم يتطورون بشكل اسرع .
وهنالك من يأتون للدورات لأنها تختصر لهم الزمن ، فهنالك من يدرس اعلام بشكل اكاديمي لمدة اربع سنوات ، وهنالك من يختصره في ديبلوم تدريبي لا يتجاوز الشهور ، ويدخل الى التطبيق العملي على ارض الواقع ، ويكسب السنوات الباقية في تطوير ما تعلم بالتجربة ، والعمل .
وهنالك من يعشقون الاجواء الايجابية في الدورات فيلتحقون كل عام – وخصوصا في الاجازات – ببعض الدورات التي تطور قدراتهم ، وتشحذ منشارهم ليعودون بنفسية متجددة الى روتين العمل .
وهنالك من يحرصون على الدورات لكي يزيدون من خلالها تنويع قدراتهم مما ينوع مصادر دخلهم .. وهنالك من يعشقون الشهادات فيبحثون في كل مكان عن الدورات لكي يزينون مكاتبهم بالكثير من الشهادات التي لا تفيدهم في شيء سوى بتغذية اناهم المتضخمة فقط !.
وهكذا يختلف الناس في رؤيتهم للدورات بين ” مؤيد ومعارض ” .. وفي اعتقادي ان هنالك عدة اشكاليات سببت هذه النظرة التي قد تزيد حتى تصل الى الاتهام بالكذب ، والسرقة ، والتخوين !.
فالعملية التدريبية بشكل عام تقوم على ثلاث ركائز اساسية ، وهي ( المركز التدريبي – المدرب – المتدرب ) .. فالخلل فيها لا يخرج من هؤلاء الثلاث : فإما ان يكون التقصير من مركز التدريب في ايجاد مدربين اكفاء ، وتجهيز بيئة تدريبية متكاملة .
او ان يكون الخلل في عدم الايفاء بكل الوعود التي توجد على ورقة اعلان الدورة ! كما حصل معي شخصيا عندما حضرت الى دورة وعدوني في نهايتها بوضع جميع التدريبات في قرص اخذه معي ، وفي النهاية لم اجد ما وعدوني به !!.
واما ان يكون الخلل في المدرب الذي قد لا تكون لديه الامكانات الصحيحة ، والمهارات الكافية لكي يتصدى لتعليم الناس ، ففاقد الشيء لا يعطيه كما قالت العرب ، ولقد رأيت بأم عيني مركز تدريبي يعلن عن دورة في فنون العلاقات الزوجية لمدرب غير متزوج !.
واما ان يكون الخلل في المتدرب الذي قد يأتي الى الدورة وهو غير مؤهل لها ، فمثلا: تكون الدورة في التقديم التلفزيوني ، ويأتي متدرب لا يعرف شيئا عن الاعلام ! فهذا لن يستفيد من هذه الدورة اطلاقا لان هذا ليس من مجاله .
او انه يأتي الى الدورة كأمر من جهته العملية التي تكفلت بكافة مصاريف الدورة لتطور الموظفين .. فيكون الامر بالنسبة له يشبه النزهة ، وعندما تكتشف ادارة عمله انه لم يستفيد من هذه الدورة ، يسقط فشله على المدرب فيقول : هذا مدرب فاشل لم استفيد منه شيئا ! .
وبشكل عام فان الدورات التدريبية ليست شر مطلق ، ففيها الخير الكثير وخصوصا ( المجانية منها ) والتي تكثر في الاجازات ، فقد يجعلها الانسان فرصة لتطوير ذاته بين الوقت والاخر ، فهي اقرب الى ان تكون نزهة تعليمية جميلة .
حكمة المقال
الانسان قد يتطور من كل النوافذ التعليمية ، ومنها نافذة الدورات التدريبية ، واذا لم يؤمن بها فان عليه ان يتطور بالطريقة التي يراها مناسبة ، المهم ان يكون دائما ( مدمن تحسين ) كما قال احمد الشقيري عن نفسه .
0