تعودنا ونحن صغاراً .. على اللهو منذ أن نرى غيمة تكسو السماء .. بهجة بهطول الأمطار التي نبحر في سيولها ونلتف حول أوديتها ، مستنشقين الهواء العليل .. الذي نفتقده ربما لسنوات طويلة ، ننتظر خلالها مجيء موسم الأمطار لنرسم أجمل صورة للبراءة بريشة الحب والسعادة التي تعتبر القاسم المشترك لتلك المرحلة العمرية التي عشناها .
واليوم .. نسأل مدينة جدة .. عروس البحر الأحمر التي يطلق عليها أبنائها .. لماذا أطفئتي هذا الحنين !؟ ، لكون حبيسي المنازل وسط التحذيرات من الجهات ذات العلاقة تحسباً من حدوث أي كارثة تسببها هذه الأمطار التي لا تأتي إلا بالخير .. بالطبع لو استطعتي الإجابة .. لقلتي أن المشاريع التي نفذت على أرضك طيلة الأزمنة الماضية .. والحاضر الذي نعيشه .. لا ترتقي لمستوى طموحاتك وآمالك .. كعروس من المفترض أن تتزين وتغري الجميع بحسنها وبهائها .
أما آن الآوان أن تتحدى جدة .. مدن الخليج العربي ، ودول العالم بامتلاكها أطول كورنيش وموقع استراتيجي كبوابة للحرمين الشريفين ، يرتادها ملايين المسافرين من داخل المملكة وخارجها على مدى العام لأداء مناسك الحج والعمرة والتسوق وزيارة المواقع الأثرية والتاريخية والسياحية .
إن مع مجيء أي موسم للأمطار .. يدب معه الخوف والهلع في نفوس المواطنين والمقيمين على أرض “جدة” لكي لا يتكرر سيناريو كارثة “2009” .. وما ان تنقضي الدقائق والساعات التي تتساقط فيها مياه الأمطار وتصفو السماء .. إلا وتجد الناس يتنفسون الصعداء .. على خلاف بعض الدول الأقل منا مكانة اقتصادية بل وبعضها تصنف من الدول الفقيرة ولا تسبب لها الأمطار التي تتساقط عليها وبكميات تعتبر في مقاييسها أعلى بكثير مما نشهده ، أي كوارث أو نتائج سلبية تنعكس على حياة المواطن .
أشعر بالغبن عندما اسافر إلى مثل هذه الدول وأجد في شوارعها الضيقة .. تصريف للأمطار التي تفوق المعدل الطبيعي وتجد المجتمع هناك يتنزه بعربته أو دراجته أو حتى سيراً على الأقدام ، ولدينا تتعطل الحركة المرورية بالكامل وتعتلي المياه الأرصفة وربما تجرف السيارات وتهدد المارة بالخطر .. هل سيستمر خوفنا مع كل توقعات لهطول الأمطار على جدة !؟ أم أن هناك صفحة جديدة ستعيشها “جدة غير” !! ، التي يغار عليها عشاقها ومن يحن إليها ويعيش بين جنباتها .
محمد العواجي – إعلامي