..
مَطَرْ مَطَرْ ..
مَطَرْ مَطَرْ ..
هكذا كُنَّا صغارًا ياوفاء
ورفاقي يجذبوني من يدي
مَرْحىً أباريقَ السماء !
مَطَرْ مَطَرْ ..
مَطَرْ مَطَرْ ..
يركضون ويَبْهَجون ..
وأنا مُعاكِسُ أركضُ
وينزلونَ كعُصْبَةٍ
وأنا وحيدًا أصعدُ ..
نشيدهم ضجَّ في الوادي حُداء ..
وغناءُ صدري يَتَّجِه نحو الفِناء ..
وفاءْ وفاءْ ..
وفاءْ وفاءْ ..
ورَجْعُ صوتي كحَفْلِ عُرْسٍ يُنْتَظَرْ
كعائدٍ بعد الغيابِ مِنَ السَّفَرْ ..
هُنا ياوفاءُ لكم سَمَرْنا
وكم ضَحِكْنا واخْتَصَمْنا
وكم بَكَيْنا وشَكُونا
وتحت شرفتكِ اخْتَبَأْنا ولَهَوْنا ..
وفاءْ وفاءْ :
إنَّه فصلُ المَطَرْ ،
ولوحةُ القوسِ ، وتقاسيمُ الوَتَرْ
وجذوةُ النَّارِ ، ومِدْفَأةُ الشتاءْ ..
وفاءْ .. وفاءْ ..
هَيَّا لأُطْعِمُكِ البَرَدْ
ونتبارى وأهزمُني
وأَحْمِلُكِ على كَتِفِي
أنا قد قَبِلْتُ
فغالطيني في العَدَدْ ..
مَطَرْ .. وفاءْ
وفاء .. مَطَرْ
وفجأةً !
يَضِجُّ صُراخُ أُمُّكِ كالرَّعَدْ
يلوي على شَرٍّ وسِبابِ فُحْشٍ
وصمتي مُضَرَّجُ بالكَمَد ..
ورفاقي أسفل الوادي يُنشدون :
مَطَرْ مَطَرْ ؛
مرحىً أباريقَ السماء !
فعُدْتُ بِخُفَيِّ حُنَينٍ
وهدأ المَطَرْ ..
وتَبَدَّا قوسُ الطَّيْفِ
كَطَوْقِ شَعْرِكِ في فصلِ الهناءْ ..
انزويتُ ولم أَلْحَقْ بهم
انزويتُ إلى تلَّةِ العُرَفاء
وبكيتُ .. فهل يُجْدي العزاء ؟!
لَمْ أَكنْ منذ عشرين عامًا ياوفاء
أمْلِكُ شيئًا يُعْتَبَرْ ..
عدا شعري وأقلامي
ودفاترٌ حِبْرُها
رأس مالي المُفْتَخَرْ ..
ولَمْ تَمْلِكي إلّا فَقْدَ صوتكِ
وعِتاباتِ الغِناء ..
عشرونَ عامًا ياوفاءٌ قد مَضَتْ
كم أمطرتْ فيها السماء ؟!
ولَمْ أُخَبِّرْكِ عن تفاصيلِ الغياب
ولَمْ أُخَبِّرْكِ كيفَ زُفَّ الهَجْرُ
في حَفْلِ القَهَرْ ..
ويومئذ ..
لمْ أَقُلْ رفقائي يُنْشِدون :
مَطَرْ مَطَرْ ؛
مرحىً أباريقَ السماء !
وبِانزوائي كُنْتُ أُنْشِدْ ؛
سُحْقًا فقد بكتِ السماء !
وفي مرايا العينِ
كانَ يخدشني المَطَرْ ..
مبدع كَ عادتك
الله يا عمده .. المشاعر التي لا تصف وتستعصي على اللسان أنت كفيلٌ بها .. لا تلين إلا بمنطقك
رائع .