كلنُا نحفظ عبارة الاختلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية، وحفظنا معظم الأقوال والعبارات التي تنص على احترام الآخر مهما كانت رؤيته، وأن النِقاش والحوار يبنى على الفكر وليس على أبجديات الإنسان ورغباته، وأن هُناك فرق بين الاختلاف والخِلاف، فالاحترام لابد أن يكون واجباً للطرف الثاني، كما أن الاختلاف في غالب الأحيان يصبح أساس.
بالفعل بسبب هذه المفاهيم باتَ المجتمع بجميع أطيافه يدرك ويحترم جميع الآراء، والفرد صار يفرِّق بين الرأي والرأي الآخر. ونحن نرى أن النقاش العام في المجتمع في أوج مراحلة بسبب تطور المفاهيم وتقدم العصر.
(لوحظ هذا التطور من خلال مواقع التواصل الإجتماعي، فهذه أحد إيجابيات هذه المواقع)
كل فرد منّا استوضح رأيه ومنظوره، المتأثر بعناصر عدة، فبحسب تعليمه وطرق تفكيره تتكون لديه الرؤية. لذا علينا احترام الشخص مهما كانت رؤيته. ونعلم بأننا في زمن أصبح كل فرد فيه يتحدث عن قناعة، تتفق أم تختلف.. هذا رأي ويحترم, فالنقاش يكون على وجهات نظر وليس على تهكم أو فرض الآراء.
الفكرة والرأي في المجتمع اتخذا منحنى إيجابيا. ولعلنا قرأنا آراء جميلة في الحقبة الأخيرة نابعة عن عمق وتفكير متزن، وصار الاختلاف بين عامة الناس بطرق حضارية ملفته. لكن للأسف أفتقد هذا الاتزان وطرق الاختلاف الحضاري بعض رواد المشهد الإعلامي على شاشة التلفاز، ولقد شاهدنا في بعض البرامج والحوارات الرياضية والسياسية بشكل خاص والبرامج العامة بشكل عام من يصرخ ويشتم ويصل بهم المعترك على الشاشة إلى ألفاظ نابية مخله بالآداب العامة.
كانت النظرة إلى هؤلاء أنهم سفراء التهذيب والمُثل للقضاء على مثل تلك العبارات بين أفراد المجتمع، لما يحملون من شهادات وخبرات تأهلهم لنشر الوعي بمفردات جميلة للمجتمع، وليس روادا لهذه الكلمات الخارجة عن الذوق العام.
يجب على كل من يتصدرون المشهد الإعلامي على التلفاز من مثقفين وإعلاميين وغيرهم، محاكاة تطور الفكر الاجتماعي، ودفع عجلة النهضة الأخلاقية، ليصبح النقاش على أسس مبنية على رأي، وليس نقاشا يفتقد للمصداقية ويجرح أذن الجمهور، فقط من أجل الإثارة، ويسمع آراء وأفكارا مبنية على أسس التهكم, فقد تكون أيضاً بعض تلك البرامج معتمدة على إثارة الضيوف، إلى أن يصل بهم الحال للصراخ والعراك في غالب الأحيان لترتفع نسبة المشاهدة!
فهذا النوع من الإثارة (موضة وانتهت)، فعلى مقدمي البرامج تحري الأهداف المرجوة، وحسن اختيار الضيوف أصحاب الرأي السديد التجريدي، وعليهم أن يعلموا أن المجتمع في الوقت الراهن يفرق بين الغث والسمين، وبين الرأي الحقيقي والمصطنع، وبين الاتفاق المسبق والتلقائية، وبين الوعي والسذاجة.
إن الإثارة المفتعلة في بعض تلك البرامج التلفزيونية، أصبحت مثاراً للضحك والكوميديا وليس لشد الانتباه، فالمحتوى المفتعل للإثارة أصبح لا يليق بالذوق العام. وعلى وزارة الثقافة والإعلام مراقبة تلك التجاوزات بجدية، ومعاقبة كل من يتعدى على الذوق العام من ألفاظ جارحة وتهكمات لا تليق بثقافة المجتمع السعودي.
كلنا مع حرية الرأي لكننا ضد مبدأ فرض الرأي. كلنا مع إثارة الافكار الإيجابية لكن ضد الألفاظ الجارحة للذوق العام، كلنا مع أن تقول ما تريد لكن ليس من حقك المساس والتجريح والتقليل من قيمة الآخر ورأيه مهما تفاقم الاختلاف.
(لابد أن نعلم جميعاً أن للآراء حصانة لا تنهد مثل الجبال راسخه لكن سرعان ما تذوب بلفظ أو بكلمة)
بالطبع يوجد على قنوات التلفاز مفكرين وعلماء أجلاء وإعلاميون نستفيد بعلمهم ونتنور بآرائهم، فهم يعدّون مصادر المعرفة للمجتمع، وتاريخ مضيء بالحكمة، ويعرفون أن الآراء مهما اختلفت فهي تحمل الصواب والخطأ وأنها ليست مقدسات.. فالآراء تتشكل على حسب مقتضيات العلم والمعرفة والظروف والأدوات، فمثل هؤلاء (المحترمون) هم من يغيرون الأفكار للأفضل. كذلك أيضاً علينا استخدام العقل لنميز بين العلم الحق والباطل، وأن نفهم بأن الاختلاف في الرأي لا يفسد الود أبداً بل يحفظه.
اتفق معاك
مقال جميل بارك الله فيك وبالتوفيق
شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيظ ♥ جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا الصرح ♥ ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر