المقالات

حلم جاد

في هذه الأيام التي تتعرض فيها القدس وأهلها والمسلمين عامة لمزيد من التعنت والإستفزاز بسبب القرار الأمريكي المتجبر والجائر حول نقل السفارة الأمريكية إلى القدس
ووسط هذه الأجواء المشحونة نستذكر فظائع المستوطنين الغاصبين للأرض الفلسطينية
ونستعيد ذكريات مؤلمة.
الأدب بوصفه وعاء لوجدان الشعوب يترجم أحاسيسهم ويرصد نبضهم ويصور معاناتهم
لذلك تتصاعد أهميته وتعلو قيمته وتأتي الراوية كأحد أقدر الأجناس الأدبية قدرة على رصد وتوصيف تلك الآلام.
رواية (حلم جاد) تتحدث عن طرف من واقع الوجع الفلسطيني وهي نوفيلا أدبية صغيرة
والأجمل أنها لأديب لايزال على مقاعد الدراسة وتحديدا في الصف الأول الثانوي بمدرسة الملك فهد بالمخواة .
هذا الأريب يدعى عبدالعزيز بن إبراهيم وماقدمه من خلال الرواية يجعلنا نستبشر بمولد نجم عربي قادم في هذا الحقل متى واصل مشروعه الكتابي
بالعودة لهذا العمل الروائي سنجد أن البطل هو شاب فلسطيني أسمه (جاد) وتتمحور الحدوتة الرئيسية لها حول مقتل والده أمام ناظرية من قبل جندي إسرائيل وهما في طريق رحلتهما اليومية المعبأة بالرعب والخوف أمام المعابر التي يفرضها العدو الصهيوني على الأرض المغتصبة.
وتشاء الأقدار التي تصنعها الحكاية أن يكون الحديث بين جاد ووالده قبل تلك اللحظة المشؤومة عن حلمه في أن يكون كاتبا كبيرا يشار إليه بالبنان وسط سعادة الأب الغامرة بأبنه النجيب
لحديث الأحلام للأبن الصغير المملوء بالحبور وسعادة الأب بأبنه وطموحاته التي تفوق عمره تتحول شظايا متناثرة كرأس الأب الذي أخترقه وابل من رصاصات الغدر والهمجية من غاصب مستبد
يرحل والد جاد تاركا وراءه مساحات من وجع ممتد في نفس أبنه وذهول يكفي لأن يجعل الدنيا مجرد حطام في عيني طفل فقد والده بوحشية لكنه رغم هول الفاجعة بقي يحمل أحلامه .
يقرر جاد الهرب من نار العدوان وتجبر الغاصب على مركب صغير إلى إيطاليا وفي رحلة الموت يواجه الطفل مع جحافل المغادرين عبر قوافل الموت الكثير من المآسي حين يكونوا على موعد مع العواصف والأهوال وموج البحر العاتي ودوامات المحيطات والإعصار القاتل الذي قلب المركب وأغرق معظم ركابه
لكن القدر يبتسم ل (جاد)
فبعد أن نجا من رصاص الغدر الذي أفقده والده هاهو ضمن النزر اليسير من الناجين من هذا الإعصار المدمر بأعجوبة
ودع جاد تلك اللحظات القاسية والصعبة بأهوالها ليخوض مجددا معاناة الغربة في بلد غريب يضطره للعمل في مهن وضيعة في أجواء قاسية ومع هذا يبقي ممسكا بتلابيب حلمه
ووفيا لحديثه العفوي مع والده قبل رحيله المر والمفجع
ليدرس في ميلانو ثم يتخرج طبيبا
ويبدأ بعد 12 عاما في كتابة رحلة حياته التي تختصر حياة الفلسطيني المشرد الذي يهرب من الجحيم ليصدم بجحيم أقسى لكن هذا لايثنيه عن أن يكون قويا ومتشبثا بالحياة ويحمل الوطن بين جوانحه ممسكا بأمل العودة المرتقب
الرواية صادرة عن الواحة للنشر والتوزيع
وتقع في 69 صفحة ومكتوبة بلغة بسيطة ومعبرة

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button