إن كان أهل الدثور قد ذهبوا بالأجور فإن أهلنا الباحيين الذين سكنوا المدن قد حجبوا عنا الضوء وذهبوا بالشهرة، حيث وسّعت المدن آفاقهم وأنضجت تجربتهم واقتربوا من مصادر الضوء فملأوا المدائن قصصّا حد الشهرة التي أخذت بأسمائهم إلى خارج الحدود، وبات أي حديث عن القصة القصيرة في الباحة ينصرف إليهم دون غيرهم.
لكن أمانة التاريخ تقتضي منا ومن كل باحث مدقق أن نشير إلى التجارب التي نضج قدرها على أثافٍ من حصى الباحة، خاصة مع غِنى تلك التجارب ووفرتها وأقدميتها حيث ان بعض النصوص التي توفرت لي يعود تاريخها إلى عام 1375لكاتب اسمه محمد الفقيه وتتحدث عن هجرة عاشها الكاتب من قريته في السراة إلى قرية أخرى في تهامة، ونص سمعته من فم كاتبه المرحوم احمد بن خلف، كان يقرأه في لفيف من الأصدقاء وتدور حول تجربة عاطفية عاشها الكاتب.
ثم اطّلعت على مجموعة قصصية للمرحوم محمد بن سعد فيضي كتبها بين عامي 1385 و1391 ونشر بعضها في الصحف السعودية خلال تلك الفترة، لا أتذكر عدد ما في المجموعة من القصص لكنها لا تقل عن العشرين تحت عنوان: عمود الفجر، وكان يعدّها للنشر هي ورواية معها لكنه لم يفعل ولعلها باقية عند بنيه الان، وفي عام 1398 فازت تجربتي الأولى بجائزة في مسابقة كان يعتني بها عبر الإذاعة السعودية المرحوم مطلق الذيابي.