إذا كانت كلمة مافيا تعود للهجة السيسيلية، والتي بدورها تعود إلى كلمة شعبية عربية “ماهياص”، و لو أن كثيرين لا يرومون هذا الطرح، فإنها عموما تفيد العدوانية والعنف والتشدق. وإذا كانت مافيا العقار اعتمدت أسلوب السطو والاعتداء على ملك الغير فإن مافيا الإعلام تفيد جماعات متشدقة تسطو على حقل الإعلام لا سيما الإلكتروني فتدعي الإصلاح والرسالة الإعلامية وما هي إلا جماعات من مرتزقة النظام يحاولون أن يتبنوا قضايا كبرى من أجل المتاجرة والاسترزاق.
أعي تمام الوعي أن النعت الذي قمت بتوظيفه سابقة؛ ولكني وبعد تأمل ملي وجدته أصدق تعبيرا لما تعج به الساحة الإعلامية الإلكترونية التي صارت ملاذا لكل من سولت له نفسه الاسترزاق في حقل غير مهيكل وغير مقنن … فقانون الملائمة الذي اعتبره كثيرون جائرا فإني أراه عادلا لو أنه كان سار مغعوله على كل المواقع التي لا تتوفر على إيداع قانوني ولا تمتلك شروط المقاولة الإعلامية … الغرابة وكل الغرابة أنه تم إخضاع المواقع الإلكترونية للقانون، ومنها من كانت فوق القانون وكأنها من تسخير مسخر …
فبحسب دراسة أجراها موقع “لوديسك” بشراكة مع شبكة “مراسلون بلا حدود” الدولية والتي مقرها بباريس. أعلنت نتائج الدراسة بمتم نونبر الماضي لسنة 2017 بأن 9 من 36 مقاولة إعلامية مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالنظام السياسي القائم وبالعائلة الملكية التي تعتبر من الفاعلين الرئيسيين في مجال الصناعة الإعلامية. هذا بالإضافة إلى وجوه من عالم المال والجاه تستثمر بصحف لا تجني ربحا ماديا كعزيز أخنوش ومولاي حفيظ العلمي لكنه مما لا شك فيه تجني زرع الأضاليل التي تخدم مصالحها. هذا عن إعلام رسمي ومقنن … ماذا عن الإعلام الموازي وإعلام الظل ؟ ماذا عن هؤلاء المرتزقة الذين يعملون بأسماء مستعارة وبدون إيداع قانوني ولا دعم من وزارة الاتصال … وتتكاثر مثلما تتكاثر البكتيريا في المستنقع ؟ كيف تبقى و تتواجد رغم قانون الملائمة ؟ من أين تتلقى الدعم ؟ ولصالح من وأي أجندة تخدم ؟ هل تمثل أدنابا للمخزن ؟
لقد كنت بقلب الحدث حيث طلب مني الحضور من طرف مرتزقة يدعون أنهم ممثلو موقع إلكتروني وبتعليمات سامية ملكية يقومون بحملة تحسيسية شعارها محاربة مافيا العقار … ولأن اسم الموقع هو اسم لقناة سمعية رسمية. التبست علينا الأمور واختلط علينا الحابل بالنابل وقلنا أهلا لمبادرة نعدها جبرا ضمن زلزال سياسي تطهيري. تمت الوعود ببطاقة الموقع واعتماد صحفي مع ضمان التنقل من سلا إلى فاس مكان الندوة و اللقاء والمبيت والمعيشة وتعويض مادي عن المهمة. تعذر الوسيط الإعلامي بأجواء التنظيم التي حالت دونه ودون تحضير البطاقة على أن يتم تسليمها عند انطلاق الرحلة …ما إن وصلنا سلا حتى تبخرت الوعود الواهية. لاسيارة ولا شعار الموقع عليها إن وجدت. عبثية وعدم احترام لأبسط الأدبيات بمجال الإعلام … لتتم مطالبتنا بأداء فاتورة المطعم الذي كان مكان اللقاء ونقطة الانطلاق. كما تم التعذر بعدم كفاية السيارات وتمت إحالتنا للقطار وتعويضنا فور وصولنا … كنت واعية حينها أنه تم اصطيادي ولأول مرة من سماسرة إعلام ومتشدقين … لكني حاولت أن أكظم الغيظ وأكمل لعبة السذاجة المفتعلة لأقف عند أدنى درجات العهر الإعلامي وتابعت الرحلة ليتم إبلاغنا ونحن بالقطار بأنه تم إلغاء الاتفاق…
كيف لمن يتاجر بكرامة الإعلامي والمراسل المتعاون أن يتجند لمحاربة مافيا العقار ويلتحف بلحاف التعليمات الملكية مطية للأهواء … هذا وقد تم جلب عدد من المتضررين من السطو على أملاكهم ووعدهم بتحقيق العدالة مقابل عمولة. إنها مافيا تدعي محاربة مافيا من نوع آخر ؟ يا للدهاء ؟
أمام غياب لإثباتات وافية ولصعوبة الإثبات والمساطر المعقدة عمدت لهذا التصريح مسائلين الجهات المعنية بوقف هذا النزيف. وأن يكف النظام عن مخزنة الإعلام وتسخيره لخدمة الفساد.
2
أحسنت قولا أختاه
جميل اللهم بارك.موضوع مهم وجريء.