المقالات

ثنائيات الحياة

كما أن الإنسان يسير على قدمين ويرى بعينين ويتحدث بشفتين ويسمع بأذنين فإنه أيضاً تجاوز ثنائيات الجوارح ليعيش ثنائيات أخرى هي ثنائيات الحياة.
لقد بدأ الإنسان بثنائية البكاء والضحك كمولودٍ أطل على الحياة من خلال ثنائية الخلق الذكر والأنثى ، فبدأت ثنائية البكاء والضحك ثم ثنائية الجوع والإشباع ثم ثنائية الحزن والفرح وثنائية الخوف والأمن وتتواصل ثنائيات الحياة بنسبية حدوثها فتولدت ثنائية الحب والكراهية والأمل واليأس والنجاح والفشل.
لذا فإن الإنسان عبارة عن ثنائيات يتشكل منها مسيَّراً تارةً ومخيَّراً تارةً أخرى مضامين ومقادير ترسم خريطة حياته الوجدانية والنفسية والبشرية ، وأهم تلك الثنائيات ثنائية الحياة والموت ( القوس الطبيعي ) الذي يحيط بكل مراحل الحياة التقديرية ، كيف نرى أن الحياة تمشي على ثنائيتين تتبدل بين حينٍ وآخر هي الثنائيات التي شكلت طبيعة الفرد بين نومٍ وصحوٍ بين قنوطٍ ورجاء بين شقاءٍ وسعادة بين فقرٍ وغنى بين بردٍ وحر بين ليلٍ ونهار بين جهلٍ وعلم بين نورٍ وظلام بين صحة ومرض.
هذا هو الإنسان نجده ذات يومٍ يحضر حفل زفاف وفي اليوم التالي يسوقه القدر لسرادق عزاء ، نراه في أحايين كثيرة يمسح دمعته بابتسامة خطفها من لحظة فرحٍ مؤقتة ، نراه يسمع خبراً سيئاً مفجعاً يقض مضجعه ثم لا يلبث أن ينام قرير العين بسبب خبرٍ آخر دفن فيه الألم والأسى.
وتظل ثنائية الخير والشر مقياساً لحياة الفرد في مجتمعه وقد تكون نتيجة لثنائيات أخرى أثرت فيه بنسبة حدوثها فمن غلب عنده الخير على الشر كان مقبولاً في مجتمعه بنسبة قربه من الخير ومن غلب شره على خيره كان منبوذاً في مجتمعه بنسبة قربه من الشر.
هذا هو الإنسان يكتب حرفاً قاسياً ثم لا يلبث أن يمحوه وينقش حرفاً آخر على صفحة التفاؤل.
فما أكثر ثنائيات الحياة بين مدٍّ وجزر ويبقى السعيد فيها هو من عرف كيف يتعامل مع ثنائية السعادة والشقاء بالقدر الذي سيطر فيه على ثنائية الرضا والسخط وكان أقرب إلى الرضا وقنع بما كتبه الله له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى