لو علمنا أن الإنسان عبارة عن مشروع قائم بذاته، ونظرنا بأن أي مشروع بطبيعة الأمر يمر بمراحل عدة أما مسار للنجاح والتفوق أو خطوات تقوده للفشل الذريع. إذا علينا التعريج لأهم المراحل الإنسانية التي تؤدي للنجاح أو الفشل، وأهم تلك المراحل هي مرحلة التأسيس، فما بني على حق فهو حتما حقًا، وما بني على باطل فمن الطبيعي يكون الناتج باطلاً، لذا علينا أن نهتم بأسس أعظم مشروع في المجتمع، ألا وهو مشروع إنسان ناجح يثري المجتمع بما يحتويه من عقلية ووعي وتعليم.
فالإنسان الناجح يبدأ له التأسيس من مرحلة الطفولة وبتحديد مرحلة ما قبل المدرسة، أي من العمر الثالثة إلى العمر الطبيعي لدخوله المدرسة، فهذا العمر يكون الطفل عبارة عن مخزون من السلوكيات والعادات والتعاليم المكتسبة تعتمد اعتماد كلي على (التقليد والتعليم)، فهناك دراسات أثُبتت (بأن الطفل يستطيع يقرأ ويكتب ويحفظ ويتحدث بلغة غير لغته قبل دخوله المدرسة)، فهذا مسلك من مسالك نجاح المشروع، فلذا علينا أن نهتم بالطفل قبل دخوله المدرسة ولا ننتظر المدرسة تُعلمه جميع التعاليم، وأيضا لابد أن نملأ له المخزون بما سوف يستفيد منه مستقبلا. وعلى النقيض تمامًا خطوات فشل هذا المشروع هو أن نتركه يملأ هذا المخزون بنفسه، فسوف يملؤه بالعالم الافتراضي من تطبيقات وألعاب الإلكترونية، ونتركه بعد إذ يواجه مصاعب الدراسة والحياة. ونصفه بعد ذلك (بليد) وبعدم الاستيعاب.
وأهم عائق في مصاعب الدراسة والحياة في الصغر، التي تترك أثرا سلبيا جدًا على الإنسان مستقبلاً، وتتدمر الثقة بنفسه، والخوف من الآخرين، وحذروا منها أيضاً جُل دكاترة علم النفس وأطباء الأطفال. “هو ذلك المدرس عنيف القول والفعل، هو ذلك الذي يضرب ويشتم ويصرخ، الذي لا يعير اهتمام للكائن البسيط أمامه، قد يكون ما يفعله لهذا الطفل الصغير سوف يجني المجتمع ثماره غدًا، فلابد أن يغرس الخصال الحميدة وألا ينسى الهدف السامي من التدريس التربية ومن ثم التعليم، فلذا علينا أن نغرس الأسس الصالحة التي تكون سببًا رئيسيا لنجاح هذا المشروع”.
من مدة بسيطة رأينا مقطع فيديو منتشر للمدرس المشهور (مدرس الأحساء)، كيف كان يُعنف ويضرب بقسوة الطالب المستسلم لذلك العنف والانصياع للصراخ، ورأينا أيضًا مقطع الرجل الذي يضرب الطفل (بجدة) بكل شراسة وقوة وخشونة. (هؤلاء هم نماذج الفشل).
السؤال هنا: ماذا فعلوا لذلك العقاب القاسي؟ وماذا نريدهم في المستقبل بعد أن نترك أثر العنف في أنفسهم؟
فإذا أردنا مجتمعا ثريا ومتقدما علينا أن نهتم بمشروع الإنسان من الصغر -أساس المجتمع هو الإنسان- إذا صلح فالمجتمع صالح.