لم يحالفني الحظ في متابعة اللقاء أو الحوار الذي جمع ثلاث عمد أحياء يمثلون مكة المكرمة والرياض وجيزان، وبثته القناة الإخبارية السعودية قبل فترة، لكني سمعت كثيرا عما دار فيه من أحاديث تتناول دور العمدة ومهمته، التي تحولت إلى مجرد مبلغ للخصوم ومصدق للأوراق والمستندات.
وإن كان عمدة حي الرصيفة بمكة المكرمة الشيخ سامي معبر، قد شارك في اللقاء وتحدث عن دور العمد في خدمة سكان الحي، فإن كل ما أشار إليه من مواقف وخدمات يشكر عليها، غير أن معظم ما أشار إليه كان بالماضي، وليس لها من الحاضر وجود إلا ما ندر، فعمدة اليوم لم يعد ذلك المصلح بين الخصوم فقد تولت المحاكم وأقسام الشرط هذا، كما وأن الخلافات الأسرية لم نجد دورا يذكر للعمدة بها، فقد برز المستشار الأسري، كما غاب دور العمدة الحقيقي في دعم ومؤازرة الأسر المحتاجة، وأصبحت الجمعيات والمؤسسات الخيرية تتولى هذا الجانب.
ورغم إعجابي الشديد بما تناوله العمدة سامي معبر، لكني أختلف معه في الكثير مما أشار إليه، فعمدة اليوم الذي نراه ليس كعمدة الأمس الذي يحترمه الجميع ويهابه، بعد أن تحول العمدة من شيخ بحارته إلى مجرد موظف على مرتبة وظيفية ينتظر ترقية قد تأتي وقد تتأخر، ومرتب بنهاية الشهر.
وإن كان عمد أحياء مكة المكرمة تميزوا عن نظرائهم بمناطق المملكة بمقراتهم المكتبية، التي تشبه إلى حد كبير ما كان عليه عمد الأمس من مراكيز بالأحياء تجمع كبار الحي، وتناقش مشاكل الأسر وتحل مشاكلها وتدعم الأسر المحتاجة.
ولابد أن نعترف بأن دور العمدة يختلف عما كان عليه بالماضي، وما ذهب لن يعود، وأملنا في عمد اليوم وعلى راسهم عمدة الرصيفة الشيخ سامي معبر، أن يعيدوا هيبة عمدة الأمس ومكانته داخل الحي، ويسعوا بجد واجتهاد لدعم الأسر المحتاجة، فالكثير من الأرامل والمطلقات عفيفات لا يستطعن مد أيديهن.
وأملنا أن يواصل تلفزيوننا العزيز تقديم مثل هذه اللقاءات ذات الجذور الأصيلة والكلمات الجميلة.
0