إن المتأمل في سياسات قطر ودعواتها المغرضة للسعودية حول تدويل فريضة الحج يدرك سذاجة هذا التوجه؛ كون قطر تفتقد إلى حسابات عقلانية واعية وراشدة في هذا الاتجاه وما تتضمنه دعواتها هي بالضرورة لا تدرك المكاسب أو خسائر التي سوف تحققها جراء تلك الدعوات، فقط هي دعوات مغرضة ومناكفات سياسية ليس إلا، كعادتها تنشد من ورائها العبث والفوضى، إلى جانب ذلك هي أيضا لا تدرك الأثر الاستراتيجي في المستقبل البعيد ولا حتى في المنظور القريب؛ وذلك من منطلقات مختلفة وقد يكون من أبرزها الجوانب الاجتماعية على اعتبار أن الإنسان الخليجي لا يمكن أن ينفصل عن محيطة ببعديه التاريخ والجغرافيا، في المقابل إذا سلمنا جدلا أن دعوات قطر كانت من منطلق الاهتمام بالمسلمين وهذا أبعد ما يكون في حسابات عامة الناس فضلا عن غيرهم من النخب؛ لأن هذه التوجهات حتمًا تفضي نتائجها بالضرورة إلى الضرر المباشر بالأمن القومي العربي، وكذا اختلال النسيج الاجتماعي الخليجي ومن ثم ضعف الهوية والانتماء من خلال دخول عرقيات جديدة تحاول بثها في منطقة الخليج، بمعنى آخر قطر تسعى بخطى حثيثة إلى تذويب هوية الإنسان الخليجي وتمزيق كياناته وليس لها أي اهتمامات بالشأن الإسلامي، وهذا يترتب عليه التخلي عن القيم والمبادئ والمثل العليا التي نشأ وعاش عليها إنسان الخليج، هذا من جانب ومن جانب آخر فيما يلي في المرتبة الثانية فهي بهذه التوجهات لا تدرك أن بمطالبها العمياء سوف تدخل سياسات دخيلة على المنظومة العربية على اعتبار السعودية هي العمق الاستراتيجي للعالم العربي، وهي بذلك تخالف النسق الاجتماعي العربي وكذا تخالف القرارات المنصوص عليها في الجامعة العربية، ففي الوقت الذي نادت فيه بالحريات وعدم التدخل في سيادة الدول من خلال منبرها الإعلامي قناة الجزيرة طوال الفترة الماضية التي أزكمت أنوف الناس هي الآن تناقض نفسها، وهذه التناقضات تكشف لنا نوايا جديدة تبعدها عن المسارات السياسية التي تتعامل بها الدول وهذا بحد ذاته يؤكد لنا ما هي فيه من ارتباك وتخبط نظرا لقرارات ازدواجية بين الأمير والأمير الوالد، وهي بهذه المناكفات السياسية لا تعلم أنها تتجه نحو الحفز الطائفي بمعنى أنها تحاول عنوة تمكين فئات من أرض المملكة، وهذا عكس توجهات مبادئ القانون الدولي وكذا الأعراف والنظم المرعية بين الدول الأمر الذي لا يعكس سياسة حقيقة تدار بها دولة قطر إن كان بقي لهذا المصطلح شيء في سياسة الحمدين، والدليل على ذلك بأنها تصعد مثل هذا الخطاب المناكف الأعمى وتندس بأسلوب النعام كما هي في الدعوات الأخيرة، ففي الحسابات الدولية لمكافحة الإرهاب فإن هذا التوجه هو الآخر من شأنه بث روح الكراهية بين الشعوب الإسلامية ودفعها نحو فوضى جديدة، ومن ذلك المطالبة بحق غير منطقي ولا قانوني ولا يتسق مع السياسات الدولية، وأن الدفع والحفز لمثل هذه التوجهات لاشك تقود إلى فوضى وحتما ستجر الشعوب إلى نزاعات وويلات، وبالتالي تقهقر ونكوص إلى الوراء وذلك بالعدول عن التنمية والعطاءات الحضارية والإسهامات الإنسانية؛ لتتموضع من جديد في ساحات التناحر والاقتتال عودا على ذي بدء (الربيع العربي) ذلك الربيع الذي أضحى خريفا بعد أن قادت كل مقوماته من خلال دعم مباشر وغير مباشر وما يقع فيه عالمنا اليوم هو نتاج دولة قطر، دول انهارت وأخرى تعطلت لديها التنمية بشكل كامل وتراجعت اقتصاداتها، وتراجع عطاء الإنسان العربي إجمالا في حقول العلم والمعرفة ونتيجة ذلك ما هو مشهود في الساحة والمنظمات الدولية قد أفصحت عن أرقام مهولة حول قضايا مختلفة سواء ما يتعلق بالإنسان أو الاقتصاد، وكان نواة هذا التدهور هو البحث عن زعامات مكذوبة للصغير المتعملق كما هو متعارف عليه في الأروقة السياسية حينما نظروا من شاهق ليهوي بهم ومن معهم في مكان سحيق.
إن هذه الدعوات المغرضة والمضللة تهدف إلى أغراض سياسية بغيضة وما أعنيه من كلمة بغيضة أنها تدلس بهذه الدعوات على العالم وفي الوقت نفسه تعد شكلا من أشكال الحرب على المملكة، ما يعني أن الضرر متشعب ونلمح فيه حمق وسفه في آن، فمكة والمدينة حرسها الله تخضعان لمفهوم السيادة الوطنية للمملكة وهذا ما يؤكد أن قطر ليست على وعي سياسي ولا تدرك حقائق الأمور وكذا مهمة الدولة التي يجب عليها أن تتعايش مع المشهد السياسي بمقتضاه وليس بنزعات غوغائية عدائية ناقمة على كل شيء، وإلا لن تدعُ إلى مثل هذه الترهات التي تضعها على مسافة بعيدة عن الفضاء السياسي الواعي؛ لتغرد خارج السرب وعلى وقع الإيقاعات الأيديولوجية الجديدة وتتبنى مفاهيمها التي تدعمها إيران، ولأن تلك الدعوات تنتقص من السيادة السعودية على أراضيها وهذا ليس مخالفة للقوانين وانتهاك للحقوق وإنما تهدف من ورائه إلى فوضى للفوضى نفسها، السؤال الذي يجب أن نتوقف عنده نستحضره ونداوله مفاهيميًا لنرى ولو بعض الحقائق، هل المنظمات والمؤسسات ذات العمل المشترك في الدول الإسلامية كانت ناجحة ؟ تساؤل أتمنى الإجابة عليه من قبل كل الساسة والإعلاميين والنخب في عالمنا الإسلامي، فإذا ما استثنينا من ذلك منظمة التعاون الإسلامي التي دعا إليها الملك فيصل -رحمه الله- وظلت ولا تزال تجسر العلاقات والأخوة الإسلامية وأكثر هيئاتها الفاعلة هي على أرض المملكة ومن أهمها بنك التنمية الإسلامي الذي يشمخ فارعا في سماء مدينة جدة، قدم ولا يزال عطاءه لم ولن ينضب لأن المملكة تقف في متواليات مشروعاته نحو عالمنا الإسلامي وبرامجه طالت كل الأفاق سواء في الجوانب المادية بتبني المشاريع التنموية والاقتصادية أو النواحي الفكرية التي يتبناها البنك طوال السنوات الماضية، وقد عزز اقتصاد دول إسلامية وحفز اقتصادها بأوجه مختلفة، من هنا أدعو كل عالمنا الإسلامي والشرفاء في العالم أن ُتنصف المملكة تجاه ما تقدمه من أعمال وعلى الأخص تجاه خدمة ضيوف الرحمن، وكذا الأعمال الجليلة والتوسعات للحرمين الشريفين والأمن الذي ينعم به الحجيج ونحن لا نطالب من الحاج والمعتمر عند عودتهم لأوطانهم سالمين غانمين ألا يرددوا كنا سادة وكانوا خدما لنا وهذا مشروع تتبناه الدولة السعودية ويقف عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يحفظه الله. وإلى لقاء.
0