أُنشئت هيئة الصحفيين قبل أكثر من عقدٍ من الزمن تقريبا، لتكون إطارا لتنظيم العلاقات والتعاون بين العاملين في مهنة الصحافة، وكذلك تنظيم العلاقات بين الصحفيين والمؤسسات الإعلامية التي يعملون بها، ولتبادل الخبرات والمعارف التي تعزز الرسالة البناءة، ولدعم مبادرات تطوير القدرات الفنية والبشرية، لتوفير بنية عمل إيجابية للصحفيين السعوديين تشجع على العطاء والإبداع، ولتساعد على تعزيز دور الصحافة ورسالتها وتمنح الصحفيين قدرا كبيرا من الثقة والاطمئنان (من ظلم الفصل التعسفي !! ) وشعورا أكبر بالمسؤولية تجاه وطنهم ومجتمعهم ..! ” بتصرف”
ما سبق كلام جميل في تعريف لهيئة الصحفيين السعوديين، ولكن إذا أردت إسقاطه على الواقع، لن تجد له أي حقيقة تذكر مع الأسف، وذلك ما دعا عدد كبير من الإعلاميين إلى ترك عضوية الهيئة، ومنهم الإعلامي الكبير عبدالعزيز بن فهد العيد، مدير القناة الثقافية السعودية بحجة أنها لا تسمن ولاتغني من جوع، ولا تنصفهم من قسوة مؤسساتهم الصحافية، وظلم بعضها لمنسوبيها، لا سيما المتفرغين منهم ..! وبقيت جامدة كما هي منذ أن تم إنشاؤها حتى الآن، ولم يذكر لها أي نشاط ـ فيما أذكر أو يذكر الزملاء الأعزاء في مهنة المتاعب عبر وسائلها المتعددة ـ إلا اللهم تغيير مسماها مؤخرًا والذي أعلن عنه نائب رئيس هيئة الصحفيين الدكتور فهد آل عقران، رئيس تحرير صحيفة المدينة في برنامج “معالي المواطن” بأن مسمى الهيئة سوف يتغير إلى “اتحاد الصحفيين السعوديين” وهل تغيير المسمى سيُغير من مهام الهيئة ..؟! أتمنى ذلك ولكن لا أعتقد أن المُسمى سيغير في أدائها، والتي بقيت جامدة منذ إنشائها حتى الآن.
ما حدث مؤخرًا للزميل الإعلامي صالح الحسيكي، عبر مقطع انتشر له عبر السوشال ميديا، وهو يبيع الشاي والذرة، وإلا لما عرف عنه أحد فيما لو رفض النشر عن وضعه الحالي، على الرغم من كونه كان رئيس تحرير لموقع عين اليوم سابقًا ـ والتي تم إغلاقها مؤخرًا ـ والذي لم يجد ما يشفع له تاريخه الصحافي في عدد من المؤسسات الصحفية، والذي تجاوز عشرين عامًا كمتفرغ للصحافة، والتي ليس بها أمان وظيفي للعاملين بها مع الأسف ..! فقد اضطر الزميل الحسيكي، للعمل كبائع شاي وذرة في جدة، مع التسليم بأن العمل مهما كان ليس عيبا، ولكن العيب على المؤسسات الإعلامية التي عمل بها طوال تلك الفترة دون أن تؤمن له لقمة العيش الكريم، وبطبيعة الحال كالعادة لم نجد لهيئة الصحفيين أي أثر أو تحرك للوقوف مع الزميل الحسيكي، في موقف عجيب وغريب من هيئة تدعي الوقوف مع الإعلاميين في محنهم وما يتعرضون له من مشاكل ..!!
وخِتاما .. شكرًا لمعالي وزير الإعلام الدكتور عواد بن صالح العواد، والذي أمر بتوظيف الزميل صالح الحسيكي، في مركز التواصل الحكومي، وقد قال الحسيكي في تصريح خاص لصحيفة “مكة الإلكترونية” عن تجربته في بيع الشاي والذرة (رسالتي حرصت أن أوجهها لهيئة الصحفيين ووزارة الإعلام، وأيضا لأحبابي وزملائي العاطلين بأن بلدنا بخير والحمد لله، وليس عيبا أن نعمل في أي مكان وأي مهنة) وهو أراد تعليق الجرس عن كل من تضرر وفصل تعسفيا من الزملاء الإعلاميين، ولم تعمل له هيئة الصحفيين شيئًا يذكر، في موقف يُذكرنا بمقولة “اعمل نفسك ميت” ..!!
1
أؤمن يا سيدي ان أكثر الناس حظاً براحة البال في المملكة و في غيرها هم اولئك الذين اكثر بعداً عن مهنة المتاعب التي من أي باب تدخل اليها لا تجد في أحضانها غير التعب .
أعتقد ان هيئة الصحفيين السعوديين او فلنقل كذباً و زوراً و بهتاناً اتحادنا المزعوم هي سبب شعورنا بالاختناق الدائم ، و اوجاعنا الدائمة التي لم تأتي إلينا الا من تحت رأسها .
القائمون عليها يا سيدي مازلوا لا يقتنعون بالعاملين بهذه المهنة و لو عملوا بها بإخلاص لنصف قرن و لقرن كامل بالتمام و الكمال ، وصدقهم و جدّهم و تعبهم و معاناتهم و عذابهم لن يقوموا بتقديره ابداً إلا بعد موتهم و رحيلهم ، اما ما داموا احياء و علي قيد الحياة فإنّ قضيتهم مغمورةٌ في الشك و التهميش ، و ليس لهم أي حقٍ في الحصول على غير التهميش و الشكوك و الوحه العبوس .
في هيئة الصحفيين السعوديين طيبة السيرة و الذكر يُندر أن تجد من يقول لك” أنت كاتب مبدع او صحفي ناجح ” و لكن من السهل جداً أن تجد من يقول لك ” أنت مخطئ و مرواغ و فاشل ” و هذا أحد أسباب تراجع العمل الصحفي في السعودية لشعور غالبية المبدعين في هذه المهنة بعدم الأمان المعرفي و المؤسسي ، خصوصاً و هم يرون بأم أعينهم شلة كبيرة من شلل الفاشلين و الدراويش و حسب الله يلجأون إلى استرضاء طائفة فكرية معينة في مؤسساتنا الصحفية حتى يجدوا لديها تشجيعاً أيا كانت صيغته ، و تكريماً هشاً و لو بدروع مصنوعة من ” التنك الخالص ” في حفلات تلفزيونية لا معني لها ، او دعماً تلفونياً عند ملاك مؤسسة صحفية يشار اليها بالبنان ليسمح لهم رئيس تحريرها بكتابة عامود صغير في الصحفة الآخيرة الأكثر قراءة من القراء ، و يتحول المبدعون بهذا التقليد الشللي المتوارث بين الطوائف الفكرية المختلفة إلى نسخ فكرية مكررة منها ، تُردد بدون وعي نفس شعاراتها السابقة التي كانت تؤمن بها الطائفة السلف و لازالت ترددها من عصور الظلام القرون الوسطي الي عصر حرية الآراء و الثورة المعلوماتية ، و يركع و يسجد المبدعين للفاشلين و الدراويش و شلة حسب الله الذين استلموا زمام الأمور من بعدهم و يستشهدون اليوم بنفس المقولات التي كان اسلافهم يتداولها من قبل .
لم يقم يا سيدي وزير الإعلام الدكتور عواد بن صالح العواد بتوظيف الزميل صالح الحسيكي رئيس تحرير موقع عين في مركز التواصل الحكومي حباً و طرباً و لكن لإنه شاهده في وسائل التواصل الاجتماعي يبيع الشاي علي الجمر و الذرة للأطفال و المارة و لسان حال زميلنا يقول كل صباح :
صباح الخير أيها العالم القذر ، هل يُعجبك الآن بؤسنا كّوننا مُشردين طفارىَ ، نُضاجع في أزقة المدن أحلامنا سرًا ، و أجسادنا من بعد قوتها بدات تنتقم منا لإننا لم نعتني بها بشكل جيد كشلة حسب الله ..؟!!
تحياتي