كثير ما نسمع بالخذلان، ربما بعضنا قد عايشه والبعض قد واجهه بعيون الأصدقاء والأقرباء، وربما قد تعايش معه فترات وجيزة، ولكن سرعان وعاد به المطاف وعادت المياه لمجاريها كما يقال.
لكن من منا فكر بذلك المسكين الذي خذل وتعذب وخسر الكثير في حياته من أجل حبيب غاب خسر دنياه خسر أيامه وساعاته والكثير من وقته، يفكر في ذلك الشخص الغائب ربما غاب غيبة دائمة وحُجب عن كل العيون رحل إلى ربه ولم يبقَ بذكرى من خلفه سوى ضحكاته وكلماته وذكرياتهم معه.
والغياب الآخر: ربما فقط غياب في الدنيا قد تقطعت بيننا وبينه الطرق للتواصل، فقد حرمنا ذلك الحبيب أبسط حقوقنا عليه ألا وهو الوصل والحب والرفقة الطيبة.
ألا تعلمون ما السبب؟ إنه “النصيب “.
ربما ذلك الحبيب لم يكن قد كتبه الله لك، ولكن حينما يتعلق القلب لا يستوعب أي أمر سوى الرغبة بالقرب من ذلك الشخص، والحصول على كثير من الوقت وهو بجواره وبين ثنايا الفؤاد، وعندما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ترى أمواج الحياة الهائجة تتلاطم وتبعدك كل ما حاولت الاقتراب لذلك الشاطئ وذلك الملجأ وذلك الحبيب، فتأخذك بعيدًا وتجعل المسافة بينكما كبعد المشرقين، حتى تُصاب بداء اليأس في الوصول لشاطئ ذلك الحبيب.
الحب إن لم يكن نابعًا من الطرفين لكل منهما يعطي بلا كلل فيقتربان هذا بمسافة والآخر مسافة؛ حتى يتجاذبان ويقوى ساعدهم ولا تمزقهم أمواج غادرة أو حاسدة.
لكن الحب يكون ضعيفًا حينما يصدر من طرف يحاول بشتى الطرق في ذلك الحب حتى يستيقظ بذلك القلب، ولكن لا حياة لمن تنادي!!
كم وجدنا كثيرًا من البيوت تُعاني من ذلك الخذلان، وقد نجد عشرات السنين مرت على ذلك الحب، وقد مر مسافات وأعوام والأجساد متباعدة.
ولكن ذلك القلب المسكين يسافر نحو ذلك الحب، ويجول حول سكن ذلك القلب الآخر لعله يرى طيفًا، لعل يسمع صوتًا، لعل يرى ابتسامة يعتصر ألمًا وشوقًا ليرى لمحات ذلك الحبيب على طفل صغير يدعى ابنه أو ابنته، يتشاكس معه حتى يطيل البقاء معه يسبر نظرات يمينه ويساره لعله طيف يعبر.
لكن وآسفاه ….
ربما قبيلة بكاملها لذلك الحبيب يراها، ولكن غير مسموح لرؤية الحبيب لأن القلب لم يدق نحوك أيها المخذول، ولم يستعصر ألم القلب الذي بداخلك.
توقف يا ذلك القلب المخذول!! مهلاً إلى أين تذهب ؟؟ ألم تتعب انتظارًا ألم تيأس في متابعة تلك النوافذ التي أطلت في الوقوف على أعتابها …. توقف الآن !!!
هلم ياقلب وعد لصوابك، وابحث عن قلب يهون عليك آلامك ومصابك.
أقذف ذلك الحب وانهض ..أولم تنظر لتلك المرآة والى ملامحك فيها ألا نظرت إلى شعرك وهو يجتاحه البياض إلى متى الانتظار لذلك القلب الذي لم يفتقدك يومًا، وإن سمع عن وفاتك يوم فلن يتأثر، لما تعطي القلب حقًا ليس قدره؟؟!!
أيها الناصح… دعني فما تعلم ألم قلبي ودمع قلبي ولا كيف تتقطع أوردة قلبي شوقًا… إنني أشمم رائحة عطره يوقظني، وتوقظني نداءاته.
إن أحلامي يخالطها رسائل جوال منه توقظني، فأقوم مسرعًا أبحث عن الوارد ولم أجد إلا خيالا بين الرسائل يبحث عن تلك الرسالة التي وصلتني لعل بالأمر حقيقة.
وأعود إلى نومي مُدمع العين يأس.
تخالطني أصواته وضحكاته في وقت قهوتي وجلساتي وسفراتي، فإذا بي لا أستطيع الخلاص، فبالله كيف الخلاص والمهرب منها وقد يعبرني طيفه من حين لآخر وكأنه يوقظني من منامي، أستيقظ باحثة عنه ولا أجده…. كيف أنساه ؟ ودفاتره ورسوماته بأدراجي وسط مهامي وأعمالي.
فأني اقول : لاتلوم من لم يستطع الخلاص من محبوبه وإن مر عليه قرون وأعوام … فالقلب واحد، والحب واحد، والعمر واحد والحظ …..إما لك واما عليك.
القلب يبحر أينما ذهب الحبيب وسكن حتى وإن المسافات والجسد بعيدون فالقلب يهيم حول باب الحبيب.
فيا سادة ياكرام من يلم ويتكبر، افصح واعتبر فهذه الحياة تجارب فهذه تجربة قلب هائم معترف، وكم قلب مثلي صامت متوجع، ويدعي الراحة والأمان وفي قلبه ألف شوق لحبيب أصبح بعيدًا… فمن يلم القلوب بشوقها لم يجرب الحب، فعذرًا ومن ادعى نسيان حبيب فقل له عذرًا لم تحب ولم يطرق قلبك الحب يومًا.
فكم ساكت متألم ومدعي الكمال والرضا بما وهب وقلبه متألم على حبيب رحل… فتأكد يا من تدعي البعد عن قلب ولو حاولت أخذ مسافات طوال، ولو حاولت تحب عشرات الأحبة لتبتعد عن ذلك الحب أقول لك: إنك كاذب إن لم تشتاق كاذبًا إن وجدت الشبع والاكتفاء.
فالقلب يدق ناقوسه لأمر واحد لا اثنين، وإن حب لم يقسم القلب بالنص بل الربع والثلث لا أكثر ولكن يظل له مشتاقًا مخذولًا متألمًا.
فرسالتي لك ياهذا…. لا تحاول تذق من ليس له ذنب بحبك بنفس الكأس أنت ذائقه فلا تربط قلب شخص بقلبك من باب الانتقام والنسيان وإشباع قلبك.
وأما الحبيب الذي بين يديك، وأنت عنه ناسٍ ومنشغل ومعذب له…. فما بال القلوب تكسر وتعذب ومابال الحب إذا عم على الناس يصبح أنانيًا ويصبح ماحوله عاتمًا مظلمًا، سواء طريق نحوه مضى فما يرى سواء الطريق نحوه ليشعر بالأمان وحتى ولو سدت الأنفاق والوديان والجبال بينه، وبعدت عنه المسافات والبحار يبقى القلب مازال حيًا ينبض باحثًا، ويعبر نحو الحبيب تاركًا جسد صاحبه يكون متألمًا وجعًا يترقب على أبوابه.
3
ماشاء الله ابدعت استاذه سلوى بوركت جهودك
اشكرك يالغلا من طيب اصلك
تشخيص النصيب .. وتعريف التيه والفقد والخذلان .. سكب روح وعصارة تجربة ثقافية باح بها البوح وناحت بها الروح
شكرا سلوى الجهني.. سردك وتعريفك ومنهاج المك من سراديب الاه من واقع اتت صحوته بالم