يظن البعض أن الترفيه هو إطلاق العنان لأنفسهم ليفعلوا ما يشاءون بلا قيود أو رادع من سلطة مجتمع أو قانون، مثلهم في ذلك كمن يفهم الحرية على أنها التحرر من كلّ ما من شأنه أن يحدّ من تحقيق رغباته الشخصية بما فيها الأخلاقية وينظر شزرًا إلى من يعارضه أو ينتقص منه معتبرًا أنه تدخل غير مشروع في أموره الشخصية فهو يُنكر على الآخر تدخله ولا يُنكر على نفسه تجاوزه الحد وتعديه على حرية مجتمع بأسره ليستوفي جموح هواه، بينما الحرية الحقيقية هي أنبل الأخلاق الإنسانية على الإطلاق لأنها تُحرر الإنسان من سلطة الهوى وتزييف النّفس الأمارة بالسوء، وتجعله كالنسر يحلق في فضائه ملكًا كيفما شاء.
كذلك من يفهم الترفيه على هذه الشاكلة، فهو يعتقد أن من حقه أن يفرح ويبتهج بأي وسيلة حتى إن كان في ذلك مجانبة للآداب الاجتماعية والذوق العام، بل إن البعض يفعل أكثر من ذلك فهو يحرض الناس على أن يحذو حذوه، أو إذا كانت بيده سلطة من أي نوع فهو يستخدمها لنشر قناعاته متحديًا مجتمعه الذي لا يتجاوز حجمه فيه حجم نقطة من بحر.
عندما تأسست هيئة الترفيه تلبية لرؤية 2030 كان الدعم الاقتصادي للرؤية أهم أهدافها، وهذا أمر مشروع ولا ضير فيه، ولكن الخطأ الذي وقعت فيه الهيئة أنها استعجلت قطف الثمرة قبل أوانها، فلم تعرّف الناس بهويتها كما يجب، فلم تقم بحملات توعوية موجهة لكل فئات المجتمع توضح فيها أهدافها وقوانينها، وتبين لهم الضوابط الأخلاقية والأدبية التي يجب الالتزام بها لمن يريد أن يقدم برنامجًا أو مشروعًا ترفيهيًا سواء كانت مؤسسة أو أفرادًا أو جمعية أو غيرها، وبهذا تكون قد تسببت في بروز بعض السلوكيات غير المحمودة باسم الترفيه حدثت من قبل بعض الأفراد والمؤسسات بقصد أو بغير قصد فصوّرت مجتمعنا وكأنه يعيش خلف حاجز من الأسلاك الشائكة تمنعه من اللحاق بركب التحضر ويتطلع من ورائها بشغف المحروم من المتعة حتى إذا ما سنحت له الفرصة انقض عليها متجاهلاً كلّ المبادئ الأخلاقية والقيم الدينية التي نشأ عليها وطغت على جل مناحي حياته، فبدا للناظر وكأنه مجتمع بدائي في تفكيره ومتخلف في قيمه ومفاهيمه الحضارية، وبذلك تكون الهيئة قد تسببت في تردي سمعة مجتمعنا بدلاً من أن تبرزها في أجمل صورة، ولكن يا للأسف لم تتدارك هذا المنزلق حتى هذه اللحظة.
إنّ الهيئة ستكون بالغة التأثير على الشباب من كلا الجنسين وستكون الأقرب إلى قلوبهم لأنها ستحقق تطلعاتهم وأحلامهم في ممارسة الأنشطة والبرامج الشبابية التي حرموا منها في السابق والتي هي حق لهم لا يملك أحد أن يصادره ولا يجب أن يُختلف فيه، لذلك فالمسئولية الأخلاقية والوطنية التي تقع على عاتق الهيئة ثقيلة جدًا لا تقل في حجمها عن المؤسسات التعليمية أو الدينية أو التربوية، من هنا كان لزامًا عليها أن تصبّ جلّ اهتمامها على تأهيلهم نفسيًا ووجدانيًا وعقليًا وبدنيًا لأنهم يمثلون الركيزة التي راهن عليها ولي العهد في رؤية 2030.
1
ما كنّا نظن ان هيئة الترفيه في بلاد الحرمين تتجاوز الخطوط الحمراء هل هذا يرضي ربنا . وحسبنا الله ونعم الوكيل