المقالات

الجنادرية مدينة تراثية بصبغة حضارية

مع افتتاح مهرجان الجنادرية 32 لعام 1439هـ، بدأ الجميع بإعداد العدة وترتيب وقته ومواعيده ليُفرغ يومه للمهرجان.. وقد فعلت مثل باقي الشعب أعددت العدة وفرغت يومًا كاملًا لهذه الزيارة التي اعتبرتها ممتعة حتى قبل أن تبدأ، ورغم أنه سبق وأن زرت المهرجان إلا أن حماسي لزيارتها هذا العام لم يقل بل كان أكثر من قبل. المهم تواعدنا مع الأصدقاء لمشاركتنا هذه الرحلة.
بدأت رحلتنا للمهرجان الذي بدأ من منزلي بشمال الرياض عبر طريق الثمامة إلى الجنادرية مقر المهرجان. وكنت أحمل هاتفي لألتقط صور سنابية للطريق واللوحات الإرشادية المميزة التي سترشدنا إلى موقع المهرجان. إلا أننا لم نجد اللوحات التي في خيالنا لترشدنا إلى الطريق وإنما اعتمدنا على الخرائط الإلكترونية للوصول وعلى إحدى الصديقات التي تعرف وتحفظ شوارع مدينة الرياض عن ظهر قلب، لا يهم المهم النتيجة وهي أن نصل إلى المهرجان فنحن أهل البلد وأهل مكة أدرى بشعابها.
أخيرًا وصلنا إلى المهرجان بأمان، وبدأنا بالبحث عن البوابات والتأكد من وجود مواقف. ورغم توفر منطقة واسعة جدًا تستخدم كمواقف للسيارات إلا أنها لم تكن مرتبة ومخططة وإنما أرض فارغة محاطة بصبات بشكل موزع وأنت مع نفسك اركن سيارتك حيث تشاء ..عمومًا كنا محظوظين لأننا مع سائق فسننزل وسيهتم هو بأمر السيارة والمواقف، ولكن أيضًا لا يهم فقد دخلنا إلى المهرجان بسلام وسلاسة.
وبعد لفة على جميع البوابات لنتأكد من أرقامها وأماكنها، اخترنا بوابة رقم 2 كبداية لانطلاقتنا فهي قريبة من الأركان التي نرغب بزيارتها هذه المرة فدخلنا منها. وكنا نبحث عن أركان معينة لتكون الانطلاقة منها. ولكن البحث عن المبنى أو الركن يحتاج إلى ترتيب الأفكار والدقة خاصة مع الشمس القوية فالشوارع الداخلية في المهرجان لا تحمل لوحات إرشادية وكنت أتخيل أنه عند كل شارع فيها سيكون هناك لوحة إعلانية جذابة وملفته للنظر ولكن بدلًا من ذلك كان هناك بين مسافة وأخرى لوحة فيها أكثر من اتجاه عليك أن تتأكد منها وتعتمد على الاتجاهات والمحلات المتقابلة لتصل إلى وجهتك، أيضًا لا يهم فقد تمكنا من مسح المكان بنظرة سريعة؛ وبذلك تمكنا بكل جدارة من الاستغناء عن اللوحات الإرشادية غير المتوفرة.
بدأت زيارتنا لمهرجان الجنادرية الساعة الثانية ظهرًا، ورغم أنها حسب الإعلان مفتوحة من الساعة 11 صباحًا إلا أن الفعاليات الحقيقية والممتعة المصاحبة للمهرجان ومعظم المحلات لا تفتح أبوابها إلا بعد صلاة العصر. وكنت أتساءل لماذا يفتح المهرجان الساعة 11 صباحًا والفعاليات الحقيقية لا تبدأ إلا بعد صلاة العصر ؟؟ لا أدري قد يكون هناك إجابة ولكني لم أجدها، وغير مهم وقتها الإجابة عن السؤال فالمهم هو جمال الأركان في وضح النهار التي كان في كل منها حالة وجمال مختلف وآسر.
كالعادة كان هناك أركان جيدة وأخرى متوسطة وثالثة متميزة، أكثر ما لفت الانتباه أن في كل ركن يوجد مدخلان تستخدم جميعها للدخول إلى الركن، إلا بعض الأركان التي كسرت هذه القاعدة بجعلها مدخل للدخول للركن والآخر للخروج منه.
انتهت جولتنا في المهرجان الساعه 8:30 مساءً وأقل ما أصفها به أنها ممتعة وقد أرغب بزيارتها مرة أخرى. كانت رحلة متميزة عدنا فيها، إلى حدٍ ما، إلى الماضي. أكثر ما يلفت النظر هو ركن القصيم فقد عرض الألعاب الشعبية، والصناعات، والأكلات الشعبية القديمة وكذلك ركن جيزان كان مميزًا بالرقصات الشعبية في الحقيقة جميع الأركان تميزت بالفلكلور الشعبي. ومن الملفت للنظر أيضًا الدخول المميز للفرق الفلكلورية إلى مقر مهرجان الجنادرية وذلك من خلال تتابعها في مسيرة يقودها أفراد الحرس الوطني مثيرة للجمهور، وكذلك أركان دول الخليج وما يقدمونه، والقرية النجدية ومحتوياتها. كما أن هيئة الترفيه عملت على تسهيل زيارة المهرجان من خلال توفير حافلات نقل تنطلق من نقاط معينة في مدينة الرياض بشكل دوري إلى ومن المهرجان وبسعر رمزي للغاية لكل شخص.
جميع الأركان رائعة ولكن ينقصها شيء ما لو وجد لاكتملت الصورة الشعبية، ربما لو أن كل محافظة حرصت على عرض الألعاب الشعبية وكذلك الصناعات الخاصة بها لأكتملت الصورة.. ورغم جمال الرحلة إلا أننا افتقدنا للترتيب إما أثناء التجوال بين الأركان أو في داخل الأركان، وكذلك تكرار أصناف الأكل فقد تجد أكل حايلي في ركن جيزان، والكليجة في كل الأركان… إلخ.
من الإيجابيات الملاحظة هو التواجد الكبير لأجانب غير عرب إلا أنهم لا يعرفون المنطقة أو المهرجان جيدًا، وقد يتوهون في تجوالهم بسبب عدم وجود لوحات إرشادية من قلب الرياض إلى المهرجان وفي مواقف السيارات لترشدك إلى البوابات والأركان القريبة من كل بوابة، أو لوحات إرشادية داخلية توزع الشوارع لتشعرك أنك تسير في مدينة كبيرة مقسمة إلى محافظات تختلف في محتواها ولكن تتساوى في جمالها.
في طريقنا للخارج تبادرت إلى أذهاننا عدد من (اللوات) التي تدور في الأذهان: ماذا لو؟؟؟ كيف سيكون المنظر والجو العام، وسأخذكم في رحلة مع خيالنا و(اللوات) التي دارت في الأذهان قد توافقوني وقد لا توافقوني وقد يكون بعضها محقق ولكنه غير ملموس، المهم هي أفكار وخيالات مواطن، وسأذكر بعضها ما باب التفكير بصوت مرتفع:
لو توفر لوحات إرشادية مميزة وذلك على الطرق المؤدية إلى الجنادرية لترشد إلى موقع المهرجان على أن تكون لوحات فنية تأخذ أي شخص يمر من الطريق أو من قلب الرياض دون أن يهيئ نفسه أو يرتب وقته إلى المهرجان.
لو تعد المواقف وتوزع بشكل جميل وسلس وتوضع أعلام جمالية حول المنطقة وإشارات أرضية لاتجاهات سير السيارات، وكذلك لوح و إشارات توضح مكان البوابات ولو أن الأمر يزيد ليظهر البوابات والأركان لكان مميزًا وسهلًا أكثر من تشتيت السائق بين البحث عن البوابة الدخول والمواقف لتكون انعكاسًا للخرائط الإلكترونية للمهرجان.
لو ترصف شوارع المهرجان بشكل ملفت ومبهر للزائرين لزاد من جمالها وجذبها للسياح والزائرين لتكون مدينة تراثية بصبغة حضارية ومعلم ثقافي وفني ومعماري وجمالي متكامل..
لو تضاف عربات أو أركان خارجية بعيدة عن الأركان الخاصة بالمناطق وتكون مترامية في أرجاء المكان تؤجر على من يرغب على أن تكون بتصاميم جميلة وجذابة أيضًا سيكون أفضل من الافتراش المؤذي للعين وللسير والحركة بشكل عام..
ورغم الوجود القوي والمميز للأمن والحرس الوطني بشكل مشرف ورائع، لكن لو يضاف أمن عند المداخل والمخارج لكل ركن يرتدي الزي الشعبي الخاص بالمنطقة لأعطت لفتة جميلة وأيضًا جاذبة للزوار.
لو أنه يعد شروط خاصة بالمشاركة في المهرجان على كل محافظة الالتزام بها وعلى القائمين على المهرجان التأكد من تحققها، مثل:
– أن يكون هدف كل محافظة هو إبراز تراثها وتعريف الأجيال عليه..
– يجب أن يشمل الركن على الأكلات الشعبية الخاصة بالمنطقة، لتفادي الخلط الذي نشاهده في الأركان فقد تكررت الأكلات تقريبًا في جميع الأركان.
– يجب أن يشمل الركن على الألعاب الشعبية الخاصة بالمنطقة، لتعريف الأجيال الحديثة على وسائل الترفيه في الماضي.
– يجب أن يشمل الركن على الصناعات الشعبية والأدوات المستخدمة في الحياة اليومية.
– يجب أن يشمل الركن على الفلكلور شعبي الخاص بالمنطقة، وهذا محقق حاليًا.
– يجب على كل محافظة توزيع الدخول والخروج إلى ركنها ليكون بوابة الدخول تختلف عن بوابة الخروج حتى لا يحدث التصادم في الدخول والخروج.
– يجب على كل محافظة تخصيص جزء للأسر المنتجة، وهذا محقق حاليًا.
في النهاية لو تنظم جائزة لأفضل محافظة مشاركة ومطبقة للشروط ومبهرة فهذا سيرفع نسبة الاهتمام والمنافسة من قبل المحافظات والإبداع في كل مرة يعقد فيها المهرجان..
في اعتقادي أن مهرجان الجنادرية مهرجان رائع يمثلنا ويعرف الأجيال الشابة على حضارة قديمة بعضها اندثر. هو مهرجان يأخذنا في رحلة للماضي بكل مافيه.. ولكن مع التغير الذي تشهده المملكة حاليًا حيث انفتحنا أكثر على العالم وأعتقد أن توجه الدولة يسير نحو السياحة المفتوحة فمن الأحرى الاهتمام بما لدينا من أنشطة وتطويرها لتتناسب مع الفترة القادمة من حياة المملكة. وليتساوى فيها الاستقطاب للسياحة والإبهار النظري لهم، فعدم وجود الإبهار يقلل من نسبة السياحة مع مرور الوقت. فمن المجدي الاهتمام بالموارد الحالية وتطويرها على أن يكون التطوير مستمر وسر النجاح أن يكون مهرجان الجنادرية متجددًا ومتألقًا في كل عام.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button