عندما يتشكل بوعي ورؤية خليط اجتماعي وثقافي ضمن المنظومة العربية في سياق واحد , ويتفاعل بقوة وفق المرجعيات التاريخية والجغرافية فإن هذا لاشك يعد برنامجا ضخما في المنطقة العربية نحو مشروع التكامل والاندماج العربي , لاسيما بعد فترة الضمور وحتى التنافر التي مرت بها منطقتنا العربية ,وهنا أود أن أقف حول موضوع سابق طرحته في هذه الصحيفة تحت عنوان “الديار اللبنانية – الغبش في الرؤية والمصير” , وذكرت ما نصه أن ” ثمة حاجة قصوى في فضاء إعلامنا العربي إلى توجيهه الوجهة الصحيحة ,ومن ثم يرفع بروافع فكرية حكيمة واعية وراشدة ,تبعده عن مناخات الخلاف وحالات التشرذم والتشظي ,ولا تدفعه به إلى سياقات منفلتة نحو الشطط والنفور أو الاعتداءات المتخبطة الغاشمة والآثمة ,ولعل هذا الهم العربي يُعتنى به من قبل أصحاب الفكر النير والقول الرصين, مع حضور بالغ وقوي للنخب المستنيرة ذهناً وبصيرة وبرؤيتها الثاقبة في الساحة, ليتم من خلال ذلك توجيه الشعوب العربية إلى مرابع الألفة والمحبة والتآخي, وليمتد هذا الفكر على امتداد الساحة العربية طولا وعرضا , وذلك بما يخدم مصالحنا القومية وما يتوافق مع القيم الإنسانية الممتدة نحو التسامح والعطاء الإنساني”
واليوم عندما تتسنم هيئة الصحفيين السعوديين وتتوجه إلى عاصمة الرشيد بوفدها الإعلامي الكبير الذي ضم كبار رؤساء المؤسسات الإعلامية في المملكة لتوقيع اتفاقية ثنائية مع نقابة الصحفيين العراقيين للتعاون المشترك بين الطرفين وذلك في المحافل العربية والدولية إلى جانب الإعداد لبرامج مشتركة في اتجاهات مختلفة فإن هذا المشروع لاشك ينتظره الإنسان العربي وخصوصا إخوتنا في العراق لان الشعوب العربية تواقة إلى التلاحم مع بعضها البعض إلى ابعد ما يكون وعلى مختلف مستوياتها الثقافية وتبايناتها الاجتماعية , ليس لان البيئة متماثلة فحسب بل لأنه مشروع يتوافق مع القيمة الحضارية والثقافية وكذا الذاكرة الاجتماعية للإنسان العربي ولكون الإعلام نواة هذا المشروع المستنير , كان من دواعي سروري واستبشاري كمثقف عربي أن أرى من أيام توقيع هذه الاتفاقية التي تنص على تعاون مشترك بين الجانبين على أرض الرافدين وفي عاصمة الرشيد بغداد والتي تنص على التعاون المشترك بين الطرفين في كافة المجالات الاعلامية بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الى جانب متواليات النفع المتعدي لكل المنظومة العربية سواء كان ذلك من خلال الجامعة العربية وفق الاتفاقيات المنصوص عليها او التعاون الثنائي بين كل بلد أخر.
إن هذه الاتفاقيات ازعم أنها قادرة على المضي قدما وكسر الحواجز بين شعوب المنطقة وليس العراق فحسب ,لان الرسالة الإعلامية التي تُدرك مضمون خطابها وآلياته وطرائقه المنهجية سوف تؤثر في الإنسان العربي والإنسان العراقي تحديداً كون له بعد نظر ووعي متجاوز واستفاد من بيئته الجغرافية الواقعة على تخوم ثقافات عدة دون أن تذاب هويته الحقيقية وأدرك من خلال الفترات الماضية حجم المعاناة والابتعاد عن محيطة وحضنه الدافئ في فترة كان لها أسبابها وظروفها فحينما تغلق سبل وطرائق الدمج بين فئات المجتمع العربي قد تبرز ولاءات فرعية تستند عليها بعيدا عن عمقها التاريخي والحضاري والثقافي ومع مرور الأيام قد تتعمق أكثر وبالتالي يصعب التعامل معها لمعالجتها , جماع القول الإنسان العربي لديه هويته وانتماءاته العميقة ولن يتنازل عنها البتة , والإعلام له دور رئيس في تنمية هذه الجوانب وقادر على ضبط الانتماءات العميقة لتستمر الشخصية العربية كما عرف عنها على مر التاريخ وهذا ما تسعى إليه المملكة من خلال مؤسساتها المختلفة.
1
عندما يتوج الكاتب مقالاته بكلام يثري العقول هنا نقطة التحول ويكون امله ممكن بان يشار اليه بالبنان
وعندما تكون الحقائق ركائزه والواقع مستنده دون مواربه ولا تلميع تتجه اليه الأنظار
قلمك محبب بالتوفيق