من حضر الرياض قبل 20 سنة ويحضرها الآن – لا شك سيلحظ مدى وفوارق التغيير نحو التطوير في كل عام ؛ فالمملكة دولة متسارعة الخطوات نحو المستقبل .
وعلى مستوى الثقافة والكتاب نلحظ تلك النقلة التي حظي بها معرضنا للكتاب بالرياض منذ انطلاقه قبل قرابة العقديْن حتى استحقّ الدوليّة باقتدار ، وانتقاله الإشرافي العام من جامعة الملك سعود إلى إشراف وزاري تحت مظلة الثقافة والإعلام منذ عقدٍ من الزمان في مبنى ضخم خاص بالمعارض كان إضافة كبيرة تلتها إضافات كبرى على مستوى التنظيم والإدارة .
ومملكتنا العزيزة عبر رؤيتها الجديدة وتطلعاتِ شبابها وأجيالها نحو مستقبل زاهرٍ يعيشون فيه حياتهم الطبيعية بعيداً عن التطرّف والغلو مع الانفتاح على الآخر والتنوّع المُثري – هي بحاجة إلى مواكبة كل ذلك على كافة المستويات ومنها الكتاب !
فمعرض الرياض الدولي للكتاب لاشك نافذة ثقافية كبيرة وواجهة تطلّ منها المعرفة في أجواء المشاركة والتفاعل مع الثقافات المتعدّدة جنباً إلى جنب ؛ لتأخذ موقعها المستحق في خارطة العالم ؛ لأن المملكة بإرثها ورصيدها وتنوعها الحضاري تمثّل ثقلاً ثقافياً مهماً بات ينافس بل يتصدّر مراكز الثقافة العالمية .
فلا ينبغي أن نتوانى في ذلك التمثيل الكبير لثقافتنا ، وعلينا أن نقدّمها في أجمل صورة وتنظيمٍ يليق بالمملكة ورؤيتها الجديدة ؛ لذلك فإن على إدارة ومنظمي معرض الرياض للكتاب الخروج من صندوق التنظيم التقليدي المتكرر كل عام إلى رحابة الإبداع والتجديد ؛ فإلى متى وصفوف زائري المعرض تقف أمام بوابات التفتيش في صورة لا نجدها في معارض الكتاب الدولية الأخرى بدول الخليج المجاورة وغيرها ! ناهيكَ عن التشديد في إدخال أي مطبوعة ولو مجلة ، والأمثلة كثيرة في ذلك حتى على مستوى الكتّاب والمثقفين الذين قد يحملون بعض إصداراتهم معهم كهدايا عند تواجدهم بالمعرض ولكن يُمنعون من ذلك في تلك البوابات !!
وإلى متى لا يُدرك المنظّمون انتهاء دور الرقيب المُضحِك أمام الانفتاح الحاصل في سهولة الحصول على الكتاب أياً كان نوعه من شتى أنحاء العالم عبر الإنترنت رقمياً بل حتى مطبوعاً عبر مواقع البيع الإلكترونية وشركات التوصيل السريع إلى باب البيت ! متى يعُونَ أن الرقيب الحقيقيّ هو وعْي القارئ وثقافته ، أما الوصاية عليه والخوف المبالغ فيه من الأفكار وكأنّ ثقافته هزيلة ووعيه هَشٌّ لا يقاومُ أدنى فكرة – فهذا يزيدُ الطين بلّة !
كما أن صفة “الدولية” في المعارض تستوجبُ اعترافاً بثقافة الآخر وإن تصادمتْ مع ثقافتنا ! أيضاً على مستوى التنظيم لابدّ أن نراعي تلك الدَوْليّة في العناية بالموقع الإلكتروني للمعرض على الإنترنت بتغذيته بكل بيانات الكتب والناشرين والخرائط الإرشادية قبل بداية المعرض بوقتٍ كافٍ ؛ إذا كنا فعلاً ننظرُ للعالم عبْر معارضنا ونرغبُ في التواصل معهم ! فمعارض الكتاب الدولية في الجوار أمثال : الشارقة ، أبوظبي ، مسقط ، وغيرها .. قبل انطلاقها بأسبوعين كحد أدنى ؛ تجدُ كل ما يتعلق بها منشوراً عبر موقعها الإلكتروني من قواعد بيانات الكتب ، ودور النشر ، وخريطة توزيعها ، وبرامجها الثقافية وورشها العلمية ؛ حتى إذا وصل الزائرُ للمعرض من خارجها في فترة تواجُدِه البسيطة بها يدركُ ما يريد دون أن يفوتَهُ شيء .
إن للمملكة رؤيةً تطلعية كبيرة وجميلة نحو المستقبل يجب أن تنعكس على الكتاب كمصدر مهم للمعرفة ولا ينبغي أن يكون في مَعْزِلٍ عن أي استشراف مستقبلي في سباق التقدّم والازدهار .