حظيت مكة المكرمة بالاهتمام الكلي لتأهيل بئر زمزم الذي يقع في الحرم المكي على بعد 20 مترا من الكعبة، ويعتبر ماؤها من الأمور المباركة عند المسلمين لما جاء بشأنه من روايات دينية، وأفادت الدراسات أن العيون المغذية للبئر تضخ ما بين 11 إلى 18.5 لترا من الماء في الثانية، ويبلغ عمق البئر 30 مترا. فهي تلك البئر المباركة التي فجرها جبريل بعقبه لإسماعيل وأمه هاجر، حيث تركهما نبي الله وخليله إبراهيم بأمر من الله في ذلك الوادي القفر الذي لا زرع فيه ولا ماء وذلك حين نفد ما معهما من زاد وماء، وجهدت هاجر وأتعبها البحث ساعية بين الصفا والمروة ناظرة في الأفق البعيد علها تجد مغيثًا يغيثها، حتى كان مشيها بينهما سبع مرات، ثم رجعت إلى ابنها فسمعت صوتًا؛ فقالت: أسمع صوتك فأغثني إن كان عندك خير، فضرب جبريل الأرض؛ فظهر الماء، فحاضته أم إسماعيل برمل ترده خشية أن يفوتها، قبل أن تأتي بالوعاء؛ فشربت ودرت على ابنها.
ويعتبر بئر زمزم من العناصر المهمة داخل المسجد الحرام، وهو أشهر بئرا على وجه الأرض لمكانته الروحية المتميزة وارتباطه في وجدان المسلمين عامة، والمؤدين لشعائر الحج والعمرة خاصة.
حيث رعت “شؤون الحرمين” في تنفيذ مشروع تأهيل بئر زمزم، بمكة المكرمة، بعد موافقة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وأظهرت صور متداولة من الحرم المكي، عشرات العمال تساندهم الآليات، يحفرون بصحن المطاف الشرقي، وهو موقع القبو القديم، فيما تم تسوير منطقة العمل بالكامل، وشهدت حركة الطواف انسيابًا، بعد قيام رجال الأمن بتوزيع الطائفين على الأدوار المختلفة لاستيعاب أعداد المعتمرين، وتحقيق أعلى درجات
الراحة. كما يراعى في المشروعات التي تنفذ بالحرمين الشريفين أفضل وأقوى المعايير العالمية في مجال المشروعات، وتراعى فيها المدة الزمنية التي اتفق عليها في إنجازها نحو 72% هي نسبة انتهاء المشروع، وهذا مؤشر إيجابي، وكلنا أمل بانتهاء جميع مراحل المشروع في مدته الزمنية أو قبل ذلك، مع أهمية مراعاة سلامة الزوار والمعتمرين والمصلين.
وتكمن الغاية لتأهيل البئر فيما سيوفر من”الماء المبارك” بجودة عالية، وكمية كافية لتلبية الطلب المتزايد عليه، للحجاج والمعتمرين، إذ يعمل المشروع على ترقية أنظمة الخزن والضخّ والتوزيع الأمثل للماء بشكل يضمن نقاوته وسلامته، إذ يشمل تعقيم المناطق المحيطة بالبئر من بواقي البناء في القبو القديم بالمسجد الحرام، وأنه حتى العام 2003م كان المعتمرون ينزلون إلى قبو عمقه 2.7 متر، ليشربوا الماء من الصنابير الموجودة فيه، ورؤية “بئر زمزم” الذي كان محميا بألواح زجاجية، وفي عام 2003، تمت تغطية القبو بالكامل للاستفادة من صحن المطاف واستيعاب أكبر عددا من الطائفين، ولم يعد من وقتها ممكنا وصول المعتمرين إلى البئر.
كما أن المشروع يشمل حفر المنطقة بالكامل حول البئر، وتنظيفها وتعقيمها وإزالة أي مواد غريبة، واستخدام مادة “البحص” المعقم، لضمان نفاذ الماء وتدفقه بشكل أكبر.
وسيتم إنشاء خمس عبّارات لمرور الماء بعرض ثمانية أمتار، وطول 120 مترا، ضمن المشروع، فهذا يسهم في ترقية أنظمة التزويد والتوزيع، إذ ستحافظ العبّارات على حركة المياه وجودتها، واستمرار تدفقها بما يكفي لتلبية الحاجاتِ الروحيةِ لمليار مسلم حول العالم.
ولو نبحث سنرى أنه حتى العام 1945، كان المعتمر يستخرج الماء من بئر زمزم باستخدام “الدلو”، إلى أن أمر الملك عبد العزيز، بتركيب مضخة لجلب الماء إلى خزانات، وتوصيلها بصنابير إلى جانب الدلاء، وفي عام 1962، وجه الملك سعود في عام 1962، بإنشاء قبو في صحن المطاف ووضعت فوهة البئر عند مستواه، منهيا بذلك مرحلة “الدلاء”، وحلول الصنابير محلها، ثم في عام 1979، تم تنظيف البئر بواسطة غواصين متمرسين، بأمر الملك خالد، ما أدى لزيادة كبيرة في إنتاج البئر للماء، وشهد عام 1980، إنشاء إدارة سقيا زمزم بالمسجد الحرام، والتي تتولى حتى اليوم الإشراف على البئر وتعقيمه وتوفير المياه المبردة والعادية داخل الحرم، من خلال المئات من الترامس والمشربيات والصنابير المنتشرة في الحرم والساحات المحيطة به.
وأعمال تأهيل منطقة قبو زمزم تتوزع نحو “إزالة الرخام،
الحفريات، وصب الخرسانة النفاذية وتكسيرها، توريد البحص المعقم أسفل عبارة زمزم وصب الخرسانة المسلحة”هذا غير الخدمات الكهربائية والميكانيكية بالمشروع” كغرفة التيار الخفيف، وتمديدات نظام الصوت والميكروفونات في صحن المطاف، وحدات التيار غير المنقطع ونظام التحكم في الدخول، نظام الرذاذ المائي في مكافحة الحريق في غرف الخدمات ونظام الإنارة الداخلية وشبكة مياه زمزم المغذية للبئر.
ولله الفضل والمنة على هذه النعم التي لاتعد ولاتحصى والشكر موصول للقائمين بالمشروع بداية لسيدي خادم الحرمين الشريفين وأمير منطقة مكة المكرمة، ثم مرورا بالدكتور السديس ووصولا للمهندسين وكل من له بصمة خير يبتغي بها أجر من الله قبل أخذه لأجره من المسؤولين سائلين أن تعم البركة والخير هذه البلاد والله ولي التوفيق.
قلم متميز وكلمات ناضجة
لا عدمناك
اللهم أجعل هذا البلد أ منا
مقال رائع جدا
بارك الله فيك
بارك الله فيكِ أحسنتِ في الطرح المتسلسل للأحداث ومراحل الإنشاء حتى التأهيل والإنهاء حفظكِ الله كاتبتنا المتألقة