كلما تسنم مسؤول منصب رفيع في إدارة من الإدارات . وعلى قدر مايمتلك من سيرة حسنة من خلال عمله السابق في بعض مرافق الدولة ، وجهوده النشطة المعروفة. تنادى المجتمع من حوله نعم الرجل المسؤول، بل الرجل المناسب في المكان المناسب. ولكن ليته يسلم من البطانة الموجودة أو في الواقع ليته يسلم من الحرس القديم. ومشكلة هذا الحرس أنه موجود بطبيعة الحال في كل دائرة بل معشعش فيها منذ عقود . فتجده قد كون مجموعة أو شللية بما هو متعارف عليه اجتماعيا. فيضع أي مسؤول جديد تحت كماشتين قويتين لا ترحم، ولا تجعله يتحرك بحرية كبيرة؛ لإنجاز المهام والقيام بالمسؤوليات المكلف بها إلا إذا سار تماما وفق الأجندة الخاصة بهذا المجموعة. ومن سوء حظ هذا المسؤول أنه جاء ليثبت ثقة الجميع فيه، وجدارته ولكنه سيصطدم بهذا الحرس المحبط.
ويتوجب حقيقة على المسؤول المكلف حديثا أو حتى في وقت سابق في أية دائرة رسمية الاستفادة من القرارات الأخيرة الصادرة من اللجنة العليا لمكافحة الفساد في جميع أركان الدولة. وأن مصير كل فاسد مواجهة القضاء الشرعي؛ لما يتسبب به من هدر بالغ على المجتمع. سواء هذا الهدر مادي، أو هدر في إنجاز المعاملات، أو هدر في تقديم الخدمات المستحقة للمواطنين. أو بأي شكل من أشكال الإهمال الوظيفي . ووجود مثل هذه العينات ومما لاشك فيه عائق لتقديم الرؤية المطروحة من قبل المسؤول الأول في الإدارة الحكومية. فقد يقع هذا المسؤول في حيرة للتصرف المناسب.. هل يتفرغ لمكافحة هذه الفئة النافذة ؟ أم يمضي في تنفيذ المشاريع المتتالية ؟ وبالتأكيد مابين الإصلاح والتنفيذ يحتاج الكثير من الوقت والجهد .
إن على وزارة الخدمة المدنية وفي ظل المراجعات المستمرة للقوانين والأنظمة الحالية للوظائف الحكومية. النظر في إمكانية تنقلات الموظفين بين الدوائر الرسمية بحيث لاتطول مدة بقاء الموظف لأكثر من ست سنوات وخاصة أصحاب المراتب العليا ذات الطبيعة الإدارية. ومن الممكن أن تمدد لسنتين في حال وجود مصلحة ضرورية تقتضي بقاء الموظف. فبلا شك تتحق عدة مصالح من مثل هذه التنقلات في الجهات الخدمية من : نقل الخبرات ، والتجديد في نشاط الموظفين، والابتكار في أداء الأعمال ، وغيرها من المصالح اللازمة.. وفي الأخير ستكون المصلحة العليا للوطن وبالتالي البعد عن نظرة الموظف القاصرة في رؤية مقر عمله وكأنه ملك من أملاكه الخاصة. والأهم من ذلك التخلص من التجمعات غير النافعة المعرقلة للعمل .
للأسف في عصرنا هذا هم في إزدياد ولا سبيل من المفر ..