استيقظت اليوم مع صلاة الفجر على رسالة مؤلمة موجعة من صديقي القديم أحمد العرفج ينعي فيها بصوت حزين متكسر والدته العظيمة السيدة الفاضلة الراحلة لولوة العجلان رحمها الله.
لقد عرفت لولوة منذ أن عرفت العرفج قبل ربع قرن، كانت حاضرة معنا في قاعات الدرس، وبين رفوف المكتبة، وفي صفحات الكتب، وفي الأروقة والممرات، لقد رأيناها في الجدران والطرقات، وقرأنها في كتب الجمال والحب والفلسفة، وتصفحنا حياتها في وجه اليتيم البريء الذي انتشلته من التشرد، وصنعت منه عالمًا جديدًا، وعاملًا للمعرفة.
لقد رأيت وجهها الملائكي الوضّاء الذي رسمه العرفج لا يفارق مخيلتي، لقد كانت لولوة صافية نقية، لامعة مضيئة، كنجمة ساهرة، وومضة عابرة، وزهرة ندية، وامرأة حديدية، صامدة مجاهدة، زاهدة عابدة، نخلة باسقة مثمرة، وسحابة ربيعية ممطرة، وواحة نظرة خضرة، ونسمة باردة، وفكرة شاردة، وعصفورة بالحب مغردة، وحمامة بالسلام متفردة..
هكذا صوّرها لنا الساحر أحمد العرفج الذي استلب عقولنا، واستفز مشاعرنا، وأنسانا أمهاتنا، وحول أمه أما لنا، وجعلنا نردد معه قول أستاذه وعرابه أبي الطيب المتنبي:
ولوْ كانَ النّساءُ كمَنْ فَقَدْنا
لفُضّلَتِ النّساءُ على الرّجالِ
وما التأنيثُ لاسمِ الشّمسِ عَيبٌ
ولا التّذكيرُ فَخْرٌ للهِلالِ
صَلاةُ الله خالِقِنا حَنُوطٌ
على الوَجْهِ المُكَفَّنِ بالجَمَالِ
على المَدْفونِ قَبلَ التُّرْبِ صَوْناً
وقَبلَ اللّحدِ في كَرَمِ الخِلالِ