أشعر اليوم وأنا أكتب عن “المرأة السعودية”، أني سأتناول تفاصيلها بأسلوب مغاير تمامًا، عما تعودتُ طرحه في سلسلة مقالاتي السابقات عنها، ربما لأنها تعيش بالفعل “عصرها الذهبي”، أو لكونها لم تعد “رقما هامشيا” في السعودية الجديدة، التي أعادتها للمشهد التنموي برؤى وطنية متقدمة بمعادلة المدخل الحضاري والقيم الإسلامية الأصيلة المعتدلة.
تشرفت الخميس الماضي بحضور حفل جائزة “راعية 2017” لتكريم المرأة السعودية المسؤولة في نسختها الأولى، بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية، والتي رعاها مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، فالأهمية الحيوية التي أضافتها الجائزة في البُعد الاجتماعي السعودي، أنها كرمت نساء ربما يكن في نظر البعض “عاديات” لأن عدسات الإعلام لم تُسلط عليها، إلا أنهن “صاحبات إنجاز” من النوع الثقيل.
جلست منبهرة بين الحضور خلال حفل الجائزة، ريثما ألملم أطراف ما يجري هنا من تمكين حقيقي “للمرأة السعودية”، وشدتني إحدى العبارات التي اقتبسها من كلمة أمين عام الجائزة فهد حميد الدين “إن أهم أهداف الجائزة المحاولة الجادة لكسر المفهوم السائد بحصر أدوار المرأة في منزلها فقط رغم نجاحها وتفوقها في شتى المجالات”.
استطاعت مدينة الملك عبد الله الاقتصادية بالتعاون مع جامعة دار الحكمة، أن يصنعنا من الجائزة “حدثا استثنائيا”، للمرأة السعودية تنسجم من خلاله مع رؤية المملكة العربية السعودية الطموحة 2030، وتترجم توجه قيادتنا الرشيدة التي تعرف تمام المعرفة قدرات “بنت الوطن”، وتضعها في مكانها الصحيح.
أثبتت الجائزة تقديرها للنساء الفاعلات بصرف النظر عن موقعهن وأسمائهن، فوصلت المشاركة في مجالاتها الخمس إلى ألف طلب تقدمن بها النساء من 24 مدينة سعودية، وهو ما يعطي دلالة على المناخ الإيجابي للجائزة.
استطاعت الجائزة بنوعيتها، أن تقدم نموذجا ملهما للتكريم، وتسبر أغوار البحث عن “السعوديات الملهمات”، ولنا في السبعينية الكفيفة “عائشة الوقداني”، والتي توجت بالمرتبة الأولى في فئة “راعية الأسرة” خير مثال، فربت 15 ابنا (ما شاء الله تبارك الله)، صنعت من كل واحد منهم مشروع وطن، رغم ضغوطات الحياة وفقدها لبصرها، إلا أنها اتسمت بالصبر والعزيمة فماذا كانت النتيجة؟ .. كانت النتيجة أن جل أبنائها منتسبون للقوات المسلحة (الجيش السعودي) ما بين رتبة عميد وعقيد، يذودون عن حمى الوطن .. فشكرا لها من القلب وبها يحق للسعوديات والسعوديين أن يفخروا بها ويباهوا بها العالم.
بالفعل وضعت مبادرة مدينة الملك عبدالله الاقتصادية النقاط على الحروف، بتكريمها لنماذج الراعيات في “الأسرة، والخدمة الاجتماعية، والابتكار والإبداع، والريادة، والتعليم” .. فمباركٌ للمرأة السعودية، التي أسهمت في مسيرة إعمار هذا الوطن، ولها أن تقف بشموخ بعد أن تجاوزت بعزيمتها وإرادتها وطموحها تحديات وعقبات كثيرة، حتى تحقق ذاتها وتثبت جدارتها كونها رقما صعبا وعنصرا فاعلًا لا يمكن الاستغناء عنه أو تجاهله تحت أي ظرف من الظروف.
بيان محمود زهران
محامية وكاتبة