المقالات

الكتاب والقارئ والناشر

بالعودة للطفولة أذكر أن أول كتاب اقتنيته كملكية خاصة هو قصة بعنوان (عقلة الإصبع) وهي كتب خاصة بالأطفال. وعندما كبرنا قليلاً بدأنا باقتناء روايات عبير وهي سلسلة روايات غرامية للمراهقين تتشابه في قصتها وتختلف في اسم كاتبها. وكانت في ذاك الوقت لا تباع في المكتبات العادية، الصغيرة أو الكبيرة، وإنما تتم التوصية عليها إما من البحرين أو من خلال أصدقاء يملكونها. وهي تمثل شغفنا للقراءة ففيها القصص الجديدة والغريبة علينا في وقت لا يوجد فيه إنترنت أو شبكة تواصل مفتوحة.. وعندما كبرنا قليلاً نضجت اختياراتنا وتنوعت لتغطي الكثير من المجالات من تاريخي إلى ديني وفلسفي أو روائي. ما قرأناه في مرحلة الطفولة والمراهقة كان نواة لمرحلة النضج التي نعيشها الآن.
جال في خاطري هذا الطيف وأنا أزور معرض الكتاب بالرياض 2018 والذي شهد إقبالاً مثيرا فخلال فترة انعقاده شهد تزاحم الزوار عليه صباحاً ومساء. ويعتبر هذا علامة جيدة فهو إقبال ثقافي على محفل ثقافي. صحيح أن بعض الزوار خرجوا بدون أن يشتروا كتابا، وصحيح أن بعض الزوار جاؤوا مرافقين لزوار آخرين بدون هدف. ولكن المهم أن عدد الزوار من الشباب كان كبيرا وهناك إقبال على مكتبات بعينها مثل بلاتنيوم، مدارك، كلمات، دار الكلمات… إلخ. هذه الدور التي تقدم للشباب ما كنا نشتريه نحن في مراهقتنا.
كما أن المواضيع الرئيسية للكتب المتصدرة المعرض كانت الروايات البسيطة والسطحية إلى حد ما وكتب التحفيز وتطوير الذات بشكل ملفت للنظر، وكأن كل كاتب يرغب بالنجاح عليه أن يكتب عن تحفيز الذات، فهو طبعا ما يفضله الشباب ويحبون قراءته.. والأجمل أن هذه الكتب تقدم بآلية تسويق جذابة جدًا فهم يعتمدون في البيع على شباب لديهم قدرة على بناء فكرة من مقدمة الكتب وسردها على المشتري بهدف ترغيبه في الشراء وكان أكثر روادهم من الشابات اللاتي يفضلنا الحصول على نبذة عن الكتاب قبل شرائه.
النتيجة النهائية من المعرض أن عالم القراءة اختلف والجذب له اختلف، وأصبح الجميع يلهث مع الدارج اليوم والأكثر رواجا. وقد يعلل القائمون على هذا السوق بأن هذا ما يطلبة الشباب ويرغب فيه.. ولكن شبابنا وشاباتنا متفتحين دليل أن الكثير من الكتب ذات الوزن والقيمة والشأن لدى دور نشر عريقة قد نفذت خلال فترة المعرض.
عالم الكتب هو في النهاية سوق تجد فيه كتب العقاد والبؤساء وأبو جفين.. لا ضير في التنوع بغض النظر عن قبولنا أو رفضنا لها ففي النهاية هناك كتب تظل في ذاكرة الثقافة وأخرى تموت على أعتاب الثقافة. العتب أنه لم يحتف إعلاميا بكتب حققت نجاحا عالميًا وعربيا مثل ما تم مع غيرها. فلدور النشر دور يتعدى الدور التسويقي والمطبعي حيث يقع عليها مسئولية نحو تنمية ونشر الثقافة وازدهارها، وتحقيق المعرفة والاطلاع والرقي بذوق المتلقي.

مستشار إداري بمكتب البيان للاستشارات الإدارية

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button