المقالات

محمد صلاح !

اسم في أساسه مركب ، و هو عند صديقي أصيلٌ في طرفيه ابنا و أبا ، لهذا يحضر هذا الاسم مفردا و مركّبا في صور شتى ، الصورة الأولى صورة هذا الصديق الذي قرأت معه كثيرا من كتب العلم أبرزها شرح ابن عقيل و كان يتمتع بحافظة جيدة و عقل ذكي ، و هو قبل ذلك لاعب ماهر تعثّر بإصابة بالغة فلم يكمل مسيرته الرياضية في وقت مبكر ، و لو أنّه فعل و سارت الأمور كما يقتضيه النموّ المهاري في الاستحواذ على الكرة لكان محمد صلاح محمد صلاح !
الأهم من كل ذلك أني انسربت من بين سطور ابن عقيل، أو لعلي فعلت ذلك من قبلُ ، و خطبت أخته فكانت من أفضل الجمل الاعتراضية في حياتي ، و لا يعني هذا ، طبعا ، عدم رغبتي في جملة ثانية تعترض طريقي في سياق الحياة الطويل ، فالجمل الاعتراضية كما يرى ابن جنّي تمنح الأسلوب فخامة و نمطا أعرابيّا لا يحسنه أبناء المدن ممّن ابتلوا برخاوة الأسلوب و أنوثة النمط !
أما الصورة الثانية فهي للصديق محمد صلاح الحربي ، الذي اعترضني في زمن الشعر و التقنية ، فتحسست من هلاليّته و غفرتها له فور أن عرفت أنّه يملك قلب شاعر نزق ، ما إن يغضب منك حتى يرضى عنك ، و لا تزال بيننا الأفكار سجالا ، و الود متصل .
و أما الصورة الثالثة لمحمد صلاح فهي صورة هذا المصري الأنيق ، الذي نبت فجأة في آخر منعطف رياضي بالنسبة لي ، فكأنما أراد الله به أن يردّ آخر اهتماماتي إلى أوّلها ، إذ كان أوّل فريق عالمي عرفته ، أيام الأبيض و الأسود ، فريق ليفربول ، و لا أدري لِمَ كنت في صغري أنحاز لهذا النادي ضد خصمه التقليدي مانشتر يونايتد؟! ، و هو أول ديربي ( لا أدري إن كان ديربي أو كلاسيكو ) ينقل لنا من المباريات العالمية ، و من المفارقات أنّه لم يبقَ في ذاكرتي من الفريقين معا سوى أيان راش صاحب الشارب الأشقر ، أذكر ملامحه الهتلريّة إلى الآن ، و لعله كان السبب في تشجيعي ليفربول ضد مانشستر ،لا سيما إذا ربطنا ذلك بولع الطفولة القديمة بالشوارب المعقوفة أو على الأقل ذات الملامح الصارمة ، بدليل أن الشخصيات القديمة المؤثرة كانت تحمل هذا الوسم المشترك ( هتلر ، أبو عنتر ، ريفلينو و هلم شنبا ) .
المفارقة هنا أن محمد صلاح ذو اللحية العصرية نبت في المكان نفسه الذي تشجّر فيه شارب إيان راش ، رأس الحربة و هو المركز الذي يشغله أحبّ اللاعبين إليّ ماجد عبد الله ..
و من الصدف أن محمد صلاح صديقي الأول كان يشغل المركز نفسه في زمن الحواري ، و كان شبيها في مهاراته بماجد ، فاجتمع له في وقت مبكّر لاعبا المنتخب السعودي سابقا و المنتخب المصري حاليا ، و أظنه لولا الإصابة لجمع الاثنين في ضربة ركنية واحدة..
على أية حال .. ما يهمني هنا هو “محمد صلاح ” هذا الاسم الذي يختصر بالنسبة لي سيرة حياة ، و هو من الأسماء التي يكثر تكرارها لما بين جزئيه من رباط وثيق يتجاوز العلامة إلى البنية ، و البنية إلى الرؤية ، ليكون علامة كبرى و مرآة صقيلة أرى من خلالها شريط الزمن العابر في صور شتى !

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button