إيوان مكة

بوهيمي 

#لواعج_العزلة

مازلت قابعًا في الكسلِ الذي يغضبكِ ويغضبُ من له صِلَةٌ بي .

كتبي مبعثرة ، مبعثرة بطريقةٍ مُنَفِّرة ..

لايفهم ترتيبها سواي ، وحينًا لاأهتدي لأحدها من الفوضى المتطايرة في عقلي .

وذَقْني تلكَ التي داعبتيها مهملة جدًّا ، وربما تركتها شهرًا بلاعناية .

قصائدي منثورة في كل مكان ، وبعضها منقوشةٌ على كرتونات المحارم ، وكأنني لا أملك دفاترًا لكتابتها ، ولا أعبأُ بها ، وهي أعزُّ ما أملك .

ملابسي أضحتْ فضفاضة من فرط نحولي ، وبعضها متَّسِخَة لا أعلم متى يحينغسلها .

وعلى طاولتي بقايا طعامٍ مُنذُ أيام ، وعُلَبٌ فارغة ، وسجائرٌ مُطْفَأةٌ في أكوابِ الشاي.

وعملي لا أكادُ أنتظمُ فيه أسبوعًا ، وأشعرُ أن رئيسي في العمل يكاد يخنقني من الغيظ لولا حِلْمه ، وكأنَّه يرى في عينيَّ أنَّني أفضلُ مِمَّا أنا عليه الآن .

أمَّا أصدقائي فنصفهم يبدو أنّهم ليسوا أصدقائي ، والنصفُ الأخر رُبَّما هاتفني لحاجته فقط ، فأنظرُ اسمه ولا أجدُ حماسةً للردِّ عليه.

دوائي هو الآخر لستُ أذكر متى آخر مرَّةٍ ابتعته أو تناولته .

فلا تهتمِّي كثيرًا فأنا لا أشكو شيئًا وما أزالُ بخير .

فإنَّ ما أعانيه ليس بأسوأ أسقامي !

ولا أدري حين أختارُ زاويةَ مشرب لِمَ يتفقُ ساقي كل حانةٍ بسؤاله : هل أنتَ علىمايرام ؟

فلا أجدُ جوابًا إلَّا ضاعِفْ لِيَ الكأس .

كيفَ أمكنَ لمن يجهلُني أنَّني لستُ بخير !

رُبَّما قرأوا كثيرًا مثلي ، لكنَّني في التفاصيلِ لا أُشبهُ أحدًا .

لا فِكْرًا ولا فلسفةً ولا جُرْأْةً ولا إحساسًا وشعورا !

لم أَعُدْ مهتمًّا بشيءٍ مطلقًا عدا خاتمي وساعتي ، وأظنّكِ تعلمينَ لِمَ ، لقد صرت أنامبهما وأنا الذي كان لايطيق النوم بهما .

أعودُ من الحانةِ بحثًا عن الراحةِ والاسترخاء ، فأضطجعُ لأرتاح .

ثم أشدُّ شعرَ رأسي بشدة ، وكأنَّ في دماغي رَحىً بيدِ مخبولٍ في مِصَحَّةٍ نفسيَّة .

أستيقظُ في وقتٍ لاأستبينُ معالمهُ ، عدا أنَّني أَفَقْتُ على كل التصاويرِ التي أمكنني تقبيلها وعناقها بعد ثمالتي .

أتذكَّرُ الآن منذ شهرين وأنا أكتبُ هذا وأمزِّقُهُ ، أكتبُ وأكمشهُ وألقيه في سلَّة مهملات مكتبتي ، ثم أعودُ أفتِّشُ عنه بكُلِّ رعونة .

فأنتبهُ أنَني لم أَقُلْ شيئًا بعد !

رُبَّما أردتُ أن أقولَ :

أنَّني مازلتُ ذلكَ الأرعنَ الذي يشتهي حِجْرَكِ ؛ ليحدِّثَكِ فيه عن كُلِّ شيء .

عن الأصدقاءِ الذين طعنوا ظهري .

عن النساءِ اللاتي أَرَدْنَ أَنْ يَكُنَّ أنتِ .

عن الجُرْذَانِ الذين نَقَّبوا قدمي ولَمْ أَسْقُطْ .

عن الحياة التي لم تتقبَّلْ عنادَ البوهيميِّ الذي يرفضُ الزَّيْفَ ؛ ليعيشَ حُرًّا طليقًا بينتَعَقُّلِه وجنونه ، فيكونَ هُوَ كما هُوَ .

عن اليُتْمِ .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى