ناصر محمد العُمري

الأسبوع الحي .. إعادة النبض للمدرسة

خطوة رائدة تلك التي ذهبت إليها وزارة التعليم حين دعت إلى حملة لاجتثات ماتعارف عليه بـ(الأسبوع الميت))، وأقامت على أنقاضه ”الأسبوع الحي” الذي يبدأ في الـ13 من شعبان الجاري، ويسبق الاختبارات النهائية، بجعل الأسبوع أنشطة يدعم تحصيل الطلاب ويسهم في تحقيق الأهداف التعليمية في كل مادة دراسية، وتستثمر فيه المدارس الوقت بزيادة فرص التعلم وتحسين مستوى التحصيل الدراسي، وتجويد المخرجات التعليمية.

حين نتأمل “سلوكيات” الأسبوع الميت والتي تحولت إلى واقع تعيشه المدرسة، سنجد أننا أمام حقيقة أن الظاهرة لم تأتِ بولادة قيصرية في سياق اجتماعي وتربوي هادئ ومستقر، أو أنها كانت استجابة انفعالية لأخذ الثأرمن صرامة اليوم الدراسي وواقع بيئات التعليم مثلًا، بقدر ماكان هذا الأسبوع تعبيرًا عن وجود خلل في التعامل مع واقع معاش ساهمت العوامل الموضوعية في نضوجه، فأفضى إلى أفعال سلوكية وممارسات تتكرر كل عام تحولت مع الوقت أمرًا مألوفًا ومتقبلًا ومرضيًا عنه؛ فضلاً عن أن واقع الأسبوع الميت هو تجسيد حي لمنطق الحياة حيث تتحول” المسميات دومًا إلى مسلمات”، فممارساتنا لا تحدث في الفراغ كما أنها ليست فعلًا عبثيًا تقرره الجموع وقتما تشاء، بل تحدث نتيجة وجود مقدمات وشروط محددة تبرز في إطار تقبل مجتمعًا ما للواقع الجديد وتؤدي في الغالب إلى وجود تناقضات أساسية تتحدد في التناقض بين الطابع التربوي الذي يدعو للانضباط والجدية، واستغلال الأوقات بالمفيد والنافع وحقيقة “الأسبوع الميت” الذي يكرس لهدم هذه القيم.

هذه التناقضات أدت بطبيعة الحال إلى نشوء “أزمة تربوية وتعليمية عميقة” تحمل معها نشوء حالة تتجسد في مستوى نشاط المجتمع التربوي خلال الأسبوع الميت حيث شاع تباطؤ الأداء وانخفاض وتيرته وظهر ذلك بأشكال ومظاهر متعددة، مثل التساهل في غياب الطلاب، وتوقف الدروس وانعدام الأنشطة، وشيوع حالة من التراخي العام في جسد المدرسة، هذا الواقع تعبير عن التناقضات الموجودة في المجتمع التربوي الذي يفترض أن يقدم النموذج في العطاء والحماس واستغلال الأوقات والجدية والانضباط !
وخلال عقود خلت اقتنع التربويون قبل غيرهم بقرار الطالب حين فرض”الأسبوع الميت” قسرًا على المؤسسة، فأفرزت ظواهر الأسبوع الميت الكثير من الممارسات التي جعلت من غياب الطلاب وضعف انضباطيتهم ظاهرة مألوفة. ونستطيع القول هنا إنه لا توجد شريحة من المجتمع التربوي إلا ولحق بها الشعور بضرورة إيقاف البرامج، وتوقف إعطاء الحصص بسبب غياب الطلاب في الأسبوع الأخير تساوى في ذلك الحريص والمجد ((طالبًا أو معلمًا أو قائدًا أو مشرفًا)) مع غيره.

هذه الأوضاع خلقت نواة لنشوء أجيال متراخية وتربية غير قادرة على قيادة الجموع وولدت في رحم هذه الممارسات حكاية تربوية غريبة تدعى ((الأسبوع الميت)). وعلى خلفية ضعف دور الوزارة المتمثل بضعف الإجراءات الحقيقية لمعالجة الظاهرة نشأ مايشبه التغافل عن الواقع فخرجنا بظاهرة الأسبوع الميت، ولأن وزارة التعليم معنية بالتغير والمستقبل قبل غيرها، فقد تنبهت الوزارة أخيرًا إلى خطورة الظاهرة ومايترتب عليها و توجهت نحو ((إعادة إحياء الأسبوع الأخير)) ونفثت فيه روح الحياة.. وشرعت فعليًا في علاج الواقع عبر سن سلسلة من الإجراءات بدأتها بإطلاق رصاصة الرحمة على مسمى ((الأسبوع الميت ))، وأطلقت حملة إعلامية تتخذ من الميديا الحديثة وسيطًا لها .. وسط جهود مشكورة من قبل المديرالعام للعلاقات العامة والإعلام بوزارة التعليم الأستاذ/محمد الدخيني وحماس منقطع النظير من مدير شؤون المناطق والمحافظات بالإدارة العامة الأستاذ/ يحيى زيلع، والذي يراهن على التفاعل لجيش من منسوبي أقسام وإدارات العلاقات العامة والإعلام بإدارات التعليم لإنجاح الحملة، وبالتالي نجاح المشروع برمته، والمؤمل حقًا أن يعود نبض الحياة لمدارسنا حتى آخر دقيقة من آخر حصة في آخر يوم دراسي يسبق الاختبارات، والإفادة من تلك الأوقات في كل مأمن شأنه بناء الأجيال معرفيًا وسلوكيًا.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button