المقالات

استمع

كان الصوت بداية الخلق ولولاه لما خلقنا، فبقوله: “كن” انفجر الكون منتشرا بأفلاكه متوسعا لأقصى مساحة من أمره، وعن هذا نتجت حركة، وينتج عن كل حركة أصوات ونغمات، ولهذا كان السمع أول ماذكر من نعم الله الحسية على الإنسان ( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وهذه دلالة على أهميته وأسبقيته، وهنا يأتي التساؤل، ما هو المقصود بالسمع وما الذي نسمعه ؟! خلقت الأكوان بمجراتها ودقائق المخلوقات بتفاصيلها بكلمة من الله، وهنا حضرت الكلمة وأداة المتلقي لها هي السمع، وقد يفهم أن كلمات الله هي التكوين والخلق أو بالمعنى اللفظي متمثلا في القرآن الكريم، ويجب على الإنسان أن يستمع للصوتين. فالحركات في هذا الكون كثيرة لا تنتهي، أعرها سمعك (سمع القلب والوعي) وتمعن في بديع صنع الله في خلقه. وأما عن كلام السميع البصير، تدبر قول الوليد بن المغيرة بعد سماعه للقرآن وهو غير مصدق به: والله إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته.
والسماع لكلمات الله (التكوينية أو اللفظية) يستلزم صفاء وسلاما داخليا حتى تقع لذة التدبر والحكمة على القلب (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) .
أما عن سماع الله فهو يليق بجلاله وعظمته، فسماعه لدعائنا وكلماتنا، هذا ما يجعل للكلمة قوة (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) .
ومما يحير العقل أن بعض الأنبياء قد سمع كلمات الله مباشرة، هنا تحضرني قصة نبي الله موسى – عليه السلام – وكيف استطاع سماع كلمات مصدر القوة في الكون، خالقه سبحانه، ولولا أن ربط الله على قلبه لما استطاع ذلك.
لأسماعنا غاية من خلقها فلا تعرها إلى غير مقصدها، فإن عودتها على سماع ما لم يفد، اعتادت على ذلك وعطلت وظيفتها وفقدت غايتها وانعكس ذلك على القلب فخلى وفرغ.

Related Articles

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button