إيوان مكة

 لوعةٌ وحَيْرَة

تشتاقُ ؟

أمازلت تذكرني ؟!

هل تذكرُ الصُّبْحَ المطيرَ يَضُمُّنا ؟

هل تذكرُ القَمَرَ الوليدَ يَلُمُّنا ؟

هل تذكر الفجرَ البعيدَ ؛

حين أشرقَ حُلْمُنا ؟

أتحبني ؟!

بالله ذِكّرني بالبحرِ والمقعدْ !

بالشِّعْرِ ..

بالغَزَلِ ..

بالكأسِ ..

وعناقنا الأرغدْ !

أتحبني ؟!

بالله ذَكّرني كيف صَلّيتَ لعينيَّ

فصيَّرتَ قلبَكَ مَعْبَدْ ؟

وكيفَ محرابُكَ ثغري

وأنا مع القُبُلاتِ أسْجُدْ ..

بالله ذكّرني حُلَل القصائدْ ..

وكيف أبدو ؟

وكم كنتُ فيها فريدةً

فتقول : يافوقَ الفرائدْ !

وكيف تقتلني بقصيدٍ

فتعودُ تُحييني بشطْرٍ ؛

فيه أسرارُ الأوابدْ ..

يا سِرَّ بعثي ونشوري

النَّاسُ من عَمَهٍ

حسبوها الشرائدْ ..

بالله ذكّرني من أنا ؟

ومن أنتَ ؟

من كان في الضَّجَرِ

يوقد لي الشموعْ ؟

من كان يضحكني

فينثني لصوت ضحكته خَصْري ؛

كأغصانِ الربوعْ ..

من حضنه حين غطَّاتِ العناقِ

يسكبُ العِطْرَ ؛

فَتَنْتَشي منِّي الضلوعْ ..

ومن كان طفليَ الباكي الجزوعْ ؟

ومن كان فوق صدري

يَدُسُّ لوعاتِ الدموعْ ؟

بالله ذكّرني أين كنتْ ؟

أين غبتْ ؟

وبأيِّ أرضِ عاهرةٍ لعبتْ ؟!

وكم تُقبِّلُ مُعْجَباتْ ؟

وكم تُواعِدُ فاتناتْ ؟

وكم .. وكم ؟

وكم قبل أن ألقاكَ خُنتْ ؟!

بالله ذكّرني

عليكَ لَكَمْ قسوتْ ؟

وكم طَعِمْتَ من السآمةْ

وأنا أثررُ ماشكوتْ ؟

وكم أُعَلِّلُ بالبكاءْ

وأمانُ صدرِكَ مضجعي

حتى غَفَوتْ ؟

وكيف أصحو على ابتسامِكْ

فأرى بريقَ البِشْرِ

أنَّك قد عَفَوتْ ..

وكم بالتأسُّفِ أرتمي

على ذراعك باكيةْ

فلاعبتني وحملتني

وأنسيتني اقترافَ الشاكيةْ

فلله دَرُّكَ ودَرُّ حِلْمَكَ كم سَمَوْتْ !

قلها ياسيدي : لا ..

قلها ، ولاتخشى القِصاص

قلها ؛ لتصرم هامة القلب البئيسْ ..

قلها ، فلن أقول لك الشقي ،

أنا من بغى الحظَّ التعيسْ ..

قلها : منحتكِ من دمي

قلها : كرهتُكِ من فؤادي

ومن فمي ..

وحبُّكِ القدرُ النحيسْ ..

لا .. لاتقلها !

لاتقل إنّي نسيتْ ..

لاتقل إنّي كرهتْ ..

أو ملَلْتْ أو سئمتْ ..

لا .. لاتقلها ..

فمن سواكْ ؟!

وأين يتركني هواكْ ؟

ولمن يودّعني سَناكْ ؟

وأنا ماعرفتُ الحُبَّ إلَّا من بهاكْ

ولم أُحَلِّقْ كالطيور

إلَّا وأجنحتي سَماكْ

لاتقلها ..

فَمَنْ دَعاكَ أنا ..

وليس في الدنيا

من يؤمنْ بأحلامي سِواكْ

لاتقلها ..

وإياكَ يومًا أنْ تقولْ !

لا .. لاتقلها ..

فأزهاري بعدك في ذبولْ

اِذْهَبْ فأنا هُنا ..

وأَدْمُعي تدعوكَ

في حنينٍ واعتذارْ ..

وأنا هُنا ..

فلن أغادرَ عن هواك

ولن أغادرها الديارْ ..

وأنا هُنا ..

أراقبُ الشمسَ بلحظِ الاصطبار ..

وأنا هُنا ..

أراقبُ النجمَ ..

فيرجمني بشُهُبِ الانتظارْ

وأنتَ مثلي تحترق

فكم هلالٌ قد مضى

وعقاربُ الساعاتِ تكّاتُ احتضار !

لستُ أدري سيدي ماذا أريدْ ؟

أن تقولَ أو لاتقولْ ..

لستُ أدري سيدي

إنْ كان فَرْقًا أنْ أريدْ ؟!

لستُ أدري سيدي

كيف أخطو نحوكَ ؟

وكيف يصفحُ جُرْحُكَ ؟

ومغيبُ عيني

كان يُشْرِقُ بالقصيد !

فأنا ورأسي كالسكارى

وأنا وقلبي كالحيارى

ولوعةُ الشوقِ الشديدْ ..

لستُ أدري

إنْ كنتُ أركضُ نحوكَ

أو كنتُ أحبو نحوكَ

أيُّها الحُزنُ السعيدْ ..

فكل ماأذكره أَنِّي أحبُّكَ ..

وأحببتُ فيكَ ألوانَ الحياةِ ..

من الوريدِ إلى الوريدْ !

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لستُ أدري سيدي
    كيف أخطو نحوكَ ؟
    وكيف يصفحُ جُرْحُكَ ؟
    ومغيبُ عيني
    كان يُشْرِقُ بالقصيد !
    -هذا التساؤل في مفاصل النص لن تجده في مثل هذه السلاسة والعذوبة والإبهار
    – كما اعتدنا من العمدة ،يحضر ف يبهر .
    حفظك الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى