المقالات

أبي زارنا في المدرسة..!!

زار الأب ابنته ذات العشر سنوات في المدرسة، فطرق باب الفصل الدراسي لتفتح له المعلمة، وتنادي على ابنته باسمها وتقول لها: إن أباك يريدك. فجاءت الابنة مسرعة وسلمت على أبيها في فرح غامر، ونظرت إلى زميلاتها كأنها تقول لهن في فخر: هذا أبي قد زارني.

سأل الأب المعلمة عن مستوى ابنته الأكاديمي، وعن سلوكها وتعاملها مع زميلاتها، فأثنت عليها خيراً، ثم سأل ابنته عن حالها في المدرسة، وتعامل المعلمات والتلميذات معها، ومن ثم ودعها، وشكر معلمتها، وانصرف إلى عمله.

لم تستغرق الزيارة سوى خمس دقائق أو يزيد، ولكن الأثر الذي أحدثته لم يكن متوقعاً، فعندما حضر الأب إلى البيت قالت له زوجته: إن ابنتك بمجرد حضورها من المدرسة وقبل أن تسلم عليّ قالت لي بسعادة:

– لقد زارنا أبي اليوم في المدرسة يا أماه.

ولم تكتفِ بذلك فحسب، بل أحضرت لأبيها وأمها هدية رمزية بمصروفها اليومي على حساب الأشياء التي كانت تحبها؛ تعبيراً عن فرحها وسعادتها!

لكن في الجانب الآخر، هناك صورة معكوسة لهذه الصورة، وهي أن تسأل بعض الآباء – أو الأمهات – في أي سنة يدرس ابنك أو ابنتك؟ فيتلعثم ويحار جواباً، وربما سأل ابنه – أو ابنته – ليسعفه بجواب يُخرجه من هذا الموقف الحرج، محاولاً دون جدوى أن يداري إهماله وتفريطه في مسؤوليته تجاه أبنائه وبناته!

زيارة للابن أو الابنة في المدرسة، سؤال عن الدراسة والأصدقاء، تفقد أحوال اللعب والهوايات، اصطحاب إلى المنتزهات والزيارات العائلية، حوار حول بعض الموضوعات التي تهم عالم الأطفال، سرد القصص والحكايات الهادفة، الحديث عن تجارب الأبوين في طفولتهما، وكيف كانا يعيشان ويقضيان أوقاتهما. كل هذه وغيرها أساليب ووسائل تربوية بسيطة، لكنها ذات أثر بليغ في حياة أطفالنا، تشحذ هممهم، وترفع معنوياتهم، وتزيل الكلفة بيننا وبينهم، وتقدم لهم نموذجاً للتربية بالقدوة، كما أنها توثق صلتنا بهم، وتزيد من محبتهم لنا؛ وفي الوقت نفسه: لا تكلفنا سوى القليل من الوقت والجهد والمال.

ختاماً: أبناؤنا بحاجة ماسة إلى منحهم مزيداً من الوقت والاهتمام، وكسر الحواجز التي تحول بيننا وبين التأثير عليهم؛ حتى ينشؤوا نشأة سوية، ويحققوا النجاحات المنشودة، ويكونوا ذخراً للحاضر، وأملاً للمستقبل بإذن الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى